الدوري اللبناني لكرة القدم، المسابقة الأبرز التي ينظّمها الاتحاد اللبناني لكرة القدم في كل موسم. وعلى مرّ التاريخ والمواسم الماضية، شهدت هذه المسابقة وتحديداً على مستوى الدرجة الأولى منها، منافسات ومباريات تاريخية لا تنسى.
إلّا أنّه خلال السنوات الماضية، شهد الدوري تراجعًا لأسباب عدة، منها ما هو (قدري) كأزمة كورونا والأزمة الإقتصادية، ومنها ما هو (إرادي) كتراجع الدعم والإهمال. ومن الواضح أنّ المنافسة في الدوري تراجعت، خصوصًا مع تراجع عدد الملاعب وغياب المدينة الرياضية التي يبدو أنّها ستبقى غائبة لسنوات وسنوات، وغياب الجماهير عن معظم المباريات، والتركيز على ملعب جونية دون غيره من الملاعب. هذا الأمر أدّى بشكل أو بآخر إلى تغيّر خارطة الدوري العام وشكل المنافسة
ومع تراجع المستوى التنافسي في الدوري، ينعكس هذا الأمر على شكل المشاركات الخارجية للأندية اللبنانية، بالإضافة إلى نتائج المنتخب الوطني.
وعن هذا الأمر يقول الإعلامي الرياضي إبراهيم شبلي لـ«الجمهورية»: «عندما نتحدث عن المنتخبات، نحن لا نتحدث عن المنتخب الأول فقط، انما الأمر يشمل كل منتخبات الفئات العمرية والناشئين والأولمبي. ولو نظرنا إلى مكونات هذه المنتخبات، وتحديدًا الفئات العمرية سنجدهم بنسبة 100% يلعبون في الدوري اللبناني، و90% من مكونات المنتخب الأول هم من الدوري اللبناني».
«ليس من مهمّة المنتخبات تأهيل اللاعبين.. هذه مسؤولية الأندية»
ويتابع شبلي: «ليس من مهمّة المنتخبات تأهيل اللاعبين انما هي تستدعي اللاعب الجاهز لتمثيل المنتخب، وهذه مسؤولية الأندية التي عليها عاتق تأهيل وتدريب وتطوير مهارات لاعبيها».
ويضيف: «حتى اللاعب اللبناني يتحمّل مسؤولية المستوى الذي يظهر به في الملعب وخارجه، وجزء كبير من اللاعبين لا يعيشون حياة اللاعب الجدّية، وهذا يؤثر بشكل كبير على اللعبة والشكل الذي تظهر فيه».
وعن الدوري اللبناني والمنافسة فيه ووضع الأندية يقول شبلي: «لو نظرنا إلى الدوري سنرى أنّ هناك الكثير من المباريات دون المستوى، باستثناء المباريات التي تجري بين أندية المقدمة، ورغم ذلك فهي لا تشبه المستوى السابق لها». ويسأل: «الدوري الذي يُلعب على 3 ملاعب عشب صناعي، في ظل تدنّي المستوى، وانعدام رغبة الأندية في المنافسة، والتوقفات التي تحصل، كيف يمكن له أن يتطور؟».
ويتابع شبلي ليقول: «بالنسبة للمنتخب فهو يقوم باستدعاء أفضل لاعبي الدوري، وإذا كان الدوري دون المستوى، والأندية لا تتحضّر الّا قبل ايام معدودة من انطلاق البطولة، ولا امكانيات تجعلك تشعر انّ هناك نية واضحة للعمل، كيف سينعكس هذا الامر على المنتخب؟»، وأردف: «مشاكل المنتخبات سببها غياب المنشآت الرياضية على الصعيد الأول، ثانيًا مستوى البطولة المحلية، ثالثًا التوقفات المستمرة للدوري، رابعًا تواضع مستوى عدد كبير من الأندية المشاركة في البطولات المحلية».
«الاتحاد اللبناني لكرة القدم برغم كل الظروف يقدّم ما عليه»
ويضيف شبلي في حديثه لـ«الجمهورية»: «من الظلم جدًا التصويب على شخص معيّن، والاتحاد اللبناني لكرة القدم برغم كل الظروف يقدّم ما عليه». ويسأل: من ينقذ الاتحاد ولجنة المنتخبات «لو انت كنت مسؤولًا عن كل ما له علاقة بالمنتخبات، ما هي الخطوات التي كنت ستفعلها؟ وماذا ستقدّم اكثر من الذي يُقدّم الآن؟».
ويختم شبلي بالقول: «الاتحاد اللبناني لكرة القدم يعطي ما باستطاعته من اجل اتاحة الفرص للمنتخب. ولكن إذا كان وضع البلد بهذا الشكل ومستوى كرة القدم والأندية والامكانيات المادية بهذا الشكل، بالإضافة الى التفاوت بالمستوى الفني الموجود والتوقف الحالي بعد انتهاء الدوري، ماذا يمكن ان يتمّ فعله؟ ولو أتينا بأهم فيلسوف كروي في العالم، بهذه الإمكانيات لا يمكنه فعل أي شيء». أما عن الحلول يقول شبلي: «روحوا حلّوا المشاكل بالأندية وبعدين منحكي عن المنتخبات. وبأحسن الظروف ما في شخص بيتحمّل المسؤولية».
معضلة أساسية، والمشكلة «راوح مكانك» في ظلّ غياب الإرادة الواضحة في رفع مستوى اللعبة على صعيد الأندية. أما المنافسة فهي نسبية وتتشكّل بالأدوات المتاحة، وتتفاعل مع الإمكانيات. فإذا كانت الإمكانيات متواضعة، سينعكس هذا الأمر على المنافسة فتكون متواضعة هي الأخرى.
على القيّمين على اللعبة من الاتحاد وصولًا إلى اصغر عنصر في هذه المنظومة الكروية، التوقف عن رمي التهم يسارًا ويمينًا، والبحث بشكل جدّي عن الحل الأنجع، الذي يخدم اللعبة. فرفع مستوى اللعبة لا يكون على وسائل التواصل الاجتماعي وفي المقابلات الإعلامية، انما في الملعب، الميدان الرياضي هو الساحة الصحية لبدء العلاج، والاتحاد الذي يمثل «راعي اللعبة» هو المكان الأنسب للحوار الرياضي المجرّد من أي أهداف غير صحية. هذه نصيحة نتمنى من الجميع أن يتلقفها «بروح رياضية».. والسلام.