لم يعد موضوع النازحين السوريين موضوعًا عاديًا، لقد تجاوز حدود العقل والمنطق وحتى التعاطف . فبعد أن وصل العدد الى أكثر من مليوني نازح على الأراضي اللبنانية، باتت الأزمة كبيرة، وما من حلٍ جذري الا بعودتهم معززين مكرمين الى وطنهم، خاصةً وأن سوريا باتت آمنة بالتزامن مع عودة الدول العربية والاقليمية اليها.
يجمعُ الكثير أن أسباب النزوح المباشرة كانت واضحة، فالحرب التي ضربت الاراضي السورية، وتحديدًا بعد انتشار الارهاب الذي كان احدى ادوات الصراع هناك، أدت إلى ارتفاع موجة الهجرة أكثر مما هو متوقع، بالتزامن مع غياب ادارة لبنانية للنزوح نظرًا للانقسام السياسي حول الملف ، لكن اليوم ما صار مجمعاً عليه أيضاً، هو ضرورة عودة هؤلاء الى وطنهم .
تؤكد مصادر سياسية أن»تجار هذه الأزمة باتوا كثر، كما انهم جمعوا الكثير من المال تحت مسميات عديدة منها الدعم اللوجستي لايواء النازحين، دون نسيان المنظمات الدولية التي ما زالت تحمل هذا الملف وتلوّح به خارقة السيادة الوطنية لاسباب متعددة، منها ما هو مرتبط بالفساد، ومنها ما هو مرتبط بالحسابات الجيوــ سياسية».
على المستوى السياسي، تقول المصادر ان الدولة لم تقم بأي اجراءات للحد من الانتشار الكبير للنازحين، بفضل السياسة الهشة وانتماءات البعض الى الخارج والتواطؤ معه لتجنيس عدد كبير من السوريين، وهذا ما تم فعلياً في الآونة الاخيرة، حيث اشارت تقارير اعلامية الى أنه تم تجنيس عدد من النازحين السوريين في منطقة عكار، من خلال التلاعب على القانون وتزوير مستندات عبر خطة ممنهجة انتهجها بعض تجار الأزمات، ما يؤكد أن هؤلاء بدأوا يستوطنون الاراضي اللبنانية، مما يشير الى ان السنوات القادمة ستشهدُ تغيرات في المجتمع اللبناني بشكلٍ كبير بسبب تداخل المجتمع السوري معه.
على مستوى العمالة السورية ، وبحسب وزير العمل مصطفى بيرم، يوجد شروط ثلاثة للعمالة الاجنبية في لبنان وهي:
١- يجب ان تثبت للعامل السوري ان لديه ملاءته المالية المعتبرة بشكل واضح .
٢- يجب ان تراعى النسب، على ان يكون مقابل كل ثلاثة عاملين لبنانيين عامل اجنبي واحد.
٣- يجب ان لا يكون ممارسًا لمهنة تم حصرها باللبنانيين وفقا لقرار صدر عن وزير العمل.
ما بات مؤكداً ، أن العمالة السورية ضربت اليد العاملة اللبنانية وكبلتها، وهذا ما يشكلُ خطراً كبيراً، علماً ان وزارة العمل اللبنانية قامت باتخاذ كل الاجراءات من أجل الحد من هذه الظاهرة المتفلتة، لكن رغم كل ذلك لا بد من التوقف عند قدرات الدولة اللوجستية، سواء على مستوى كل ادارة منفردة، او على مستوى التنسيق بين الادارات العامة، في سبيل حماية العامل اللبناني.
من هنا يشير مصدر اقتصادي، أنه لا بد من طرح قانون يعزز مالية الدولة، من خلال وضع قيود شديدة على المصالح الاجنبية التي تعمل في لبنان وتحديدًا المصالح التي قام بفتحها النازحون السوريون، وينظم تواجد بعضهم من جهة أخرى، دون الابقاء على من لا حاجة لهم او من لا يشكلون قيمة مضافة للداخل اللبناني. ويتابع المصدر الاقتصادي «انه يجب تحديد حجم القدرة الاستيعابية للسوق اللبنانية على مستوى العمالة السورية، وهنا لا بد من الاضاءة على مهن اساسية يمنع فيها السماح للسوريين بالعمل فيها بشكل قطعي، على سبيل المثال لا الحصر الطبابة، التعليم الجامعي والاكاديمي والمهني، المحاماة والاستشارات القانونية .
«نحن لا نتحدث بلغةٍ عنصرية» كما يشير المصدر، لكننا رصدنا عمليات صرف تعسفي وممنهج لعددٍ من هذه المهن واستبدالهم بسوريين تحت ذرائع متعددة، الامر الذي أدى الى نزف في الأدمغة الاساسية، التي بني عليها الاقتصاد اللبناني في المهن الحرة.