تتعدّد القراءات الديبلوماسية في لبنان والمنطقة كما على الساحة الدولية، حول معادلة اليوم التالي في إيران؟ وينطلق هذا التساؤل من واقع التصعيد على جبهة الحرب في غزة وارتفاع منسوب الجرائم الإسرائيلية، والذي ترى فيه مصادر ديبلوماسية متابعة للواقع الإقليمي، إشارةً إلى طبيعة المرحلة الإنتقالية للسلطة في إيران وانعكاساتها على ساحات المواجهة.
وتتحدث هذه المصادر الديبلوماسية ل”ليبانون ديبايت”، عن تحديات داخلية تواجهها إيران، التي تجهد لتحافظ على مكتسباتها على الساحة الخارجية من خلال تثبيت الوضع الداخلي على ما كان عليه في مرحلة الرئيس الراحل ابراهيم رئيسي، ولذا، فلن يكون أي تغيير في السياسة الخارجية، وخصوصاً في غزة أو في سوريا أو في لبنان أو اليمن والعراق، أو على الأقل في الفترة الإنتقالية لإعادة إنتاج رأس جديد للسلطة، وبالتالي، فإن إيران ستحافظ على ممارساتها الإقليمية وطريقة تعاملها مع الحرب في غزة ومع المجتمع الدولي لجهة المفاوضات مع واشنطن، والتي كانت آخر جلسة منها قبل رحيل رئيسي بيومين.
إلاّ أن التحدي الحقيقي، برأي المصادر، يكمن في الداخل الإيراني في ضوء ارتسام قواعد إشتباك ضمن أروقة النظام، وخلافات تحت عباءة المرشد، حيث هناك أجنحة متضاربة ومتناقضة.
وبالتالي، فإن الإمتحان الإيراني الحقيقي في السياسة الداخلية، لأن الهدف هو الحفاظ على ما تبقّى من المرحلة السابقة، من أجل استكمال الخطة الخارجية، وهنا، تكشف المصادر، أن إيران ستجاهد داخلياً للحفاظ على مكتسباتها خارجياً، وخصوصاً على المستوى العربي، حيث أن إيران اليوم هي في أوج علاقاتها العربية، بعد التقارب مع السعودية بوساطة صينية، وإعادة هندسة علاقاتها مع العالم العربي والتوجّه والسعي لزيادة معيار العلاقة مع مصر، بالإضافة إلى سيطرتها في مناطق النفوذ عن طريق الأذرع، بمعنى أنها وصلت لتكون لاعباً كبيراً على المستوى الإقليمي أولاً، ولاعباً يمتلك صوتاً على المستوى الدولي ثانياً، كما أنها تجلس على طاولة مفاوضات أميركية ثالثاً، وبالتالي، فهي لا تريد خسارة هذه المكتسبات وتريد الحفاظ عليها من خلال التوصل إلى تحقيق ثبات استقراري للجبهة الداخلية.
ولكن هذه الجبهة الداخلية، تزدحم بالخلافات الكبيرة بين المعتدلين والمتشدّدين والإصلاحيين، وصولاً إلى الخلافات المناطقية، إلاّ أنها لا تشكل خطراً على النظام، كما تلاحظ المصادر الديبلوماسية، وذلك بسبب التقاء الأفرقاء على عقيدة واحدة، حيث تبقى الخشية من استغلال هذه الأمور على شكل تظاهرات أو احتجاجات في الشارع.