دعا أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير، “البلد لكي يأخذ نفساً”، وذلك بعد أسابيع صعبة للغاية عاشها اللبنانيون، تلت اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية، إذ شهدت مناطق جنوبية جديدة، ومنطقة الضاحية في بيروت، حالات نزوح إضافية، وتوقفت حركة طيران بعض الشركات، وأصدرت السفارات بيانات داعية رعاياها للمغادرة وعدم السفر الى لبنان، وغيرها من الأمور التي أظهرت البلد وكأنه يتجه حتماً الى الحرب، فهل ارتاح البلد؟.
لا شكّ أن حصول ردّ الحزب نهار الأحد الماضي، والعملية الاستباقية التي حاول العدو الاسرائيلي القيام بها، واعتبار تلك “المرحلة” بحكم المنتهية بالنسبة لطرفي الحرب، أراح البلد والمواطنين، خصوصاً مع صدور دعوات من السيد نصر الله للعودة الى المنازل، والتي يقصد بها حتماً النازحين الجدد من بعض القرى الجنوبية والضاحية الجنوبية، إذ كان لافتاً في اليوم التالي للخطاب عودة الازدحام الى الضاحية، بمشهد يؤكد أن تاركيها عادوا إليها، كذلك في الجنوب حيث تؤكد مصادر متابعة عبر “النشرة” أن النسبة الأكبر من الذين نزحوا بعد اغتيال شكر عادوا الى منازلهم.
كذلك كان لافتاً بحسب المصادر عودة حركة بعض شركات الطيران الى مطار بيروت الدولي، مثل الطيران الأردني على سبيل المثال الذي أعاد نشاطه الثلاثاء الماضي، اضافة الى عودة الزخم للحديث عن انطلاق العام الدراسي، علماً أن الأسابيع الماضية كان الأمر مبهماً، إذ لم يكن مدراء المدارس في الضاحية وبيروت يعلمون ما إذا كانتمدارسهم ستدرّس أم ستكون مقراً للنازحين الهاربين من توسع الحرب.
انعكس كلام السيد نصر الله أيضاً على تحضيرات الحزب لمعالجة ملف النزوح بحال توسعت الحرب، ففي كل المرحلة التي تلت عملية الاغتيال وسبقت عملية الرد، كانت فرق الحزب المختصة بملف النزوح تعمل ليل نهار، حتى باتت خطة النزوح حاضرة، والمسائل اللوجستية شبه جاهزة، أما بعد كلامه الأخير، انخفضت وتيرة التحضيرات في هذا الملف، كما تؤكد المصادر، مشيرة الى أن الحزب لا يثق بالعدو ولا نواياه، إنما هناك وقائع تفرض نفسها اليوم.
على الرغم من التهدئة التي فرضتها إنتهاء مرحلة ما بعد الاغتيال وما قبل رد الحزب، والراحة للبلد بشكل عام، ولبيئة المقاومة بشكل خاص، إلا أن هذا الرد اعاد فتح الباب أمامالأسئلة الأساسية، أي الغاية والكلفة جرّاء فتح جبهةالإسناد، والتي كان التيار الوطني الحر أبرز الطارحين لها،وهو ما لا يمكن أن يتجاهله الحزب على الإطلاق، وهو الذيبات يواجه مشكلة أساسية في الساحة المسيحية، ولا بد من مقاربتها بشكل مباشر، إن كان قبل انتهاء الحرب أو بعدها، لكي لا يكون لها آثارها العميقة في المستقبل.
شعر البلد بالراحة، ربما، لكن هذا لا يعني أن الحرب انتهت أو ان المنطقة هدأت، أو حتى أنها تتجه نحو هدوء قريب، إذ لا يمكن بحسب المصادر الحديث عن تحوّل جوهري فيالمعادلة العكسرية، لأن المرجح اسرائيلياً هو زيادة الضغوطالتي يتعرض لها الحزب من أجل دفعه إلى وقف هذهالحرب، الأمر الذي من غير المتوقع أن يحقق أي تنيجة، وسيُقابل بتصعيد مماثل.