ما بين الحديث الأميركي عن حربٍ وشيكة في لبنان بعد إشارة إلى دور ممكن للديبلوماسية من قبل واشنطن رغم انطلاق الإجراءات لعمليات إجلاء أميركيين من لبنان، وتصريح وزير الدفاع الإسرائيلي عن “عدم البحث عن الحرب مع لبنان”، إشارات متناقضة حول اليوم التالي على الجبهة اللبنانية، حيث تبدو احتمالات الإنفجار موازية لاحتمالات التهدئة.
وبرأي الكاتب والمحلِّل السياسي علي حماده، فإن الإشارات الأميركية واضحة، وهي تصدر من واشنطن وعلى لسان مسؤولين، وعبر العديد من التسريبات في الإعلام الأميركي كموقع “أكسيوس” وموقع مجلة “بوليتيكو” ومحطتيCNNو NBC، والتي تتحدث كلها عن أن الحرب أصبحت شبه حتمية، وذلك في أحدث الأنباء في الساعات الماضية.
وفي حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، يقول حماده إن هذه التسريبات “مقصودة” من قبل الإدارة الأميركية ومختلف أجهزتها أي وزارة الدفاع والبنتاغون ومجلس الأمن القومي الأميركي والبيت الأبيض ووزارة الخارجية، وتشير كلها إلى انهيار المفاوضات والمحاولات الجارية لوقف التدهور بين إسرائيل و”حزب الله”، ولا سيما بعد فشل مهمة آموس هوكستين الأخيرة.
وإلى جانب هذه التسريبات، يلفت حماده إلى المعلومات والأخبار التي أعلنها البنتاغون، عن توجيهٍ لموارد عسكرية خاصة بإجلاء الرعايا الأميركيين نحو منطقة الشرق الأوسط، لا سيما إلى قبرص وجزيرة كريت، بالإضافة إلى توجيه العديد من سفن الإنزال والسفن البرمائية ومشاركة 2000 جندي من المارينز المتخصصين بحماية عمليات الإجلاء، وهؤلاء يعتبرون من قوات الكومندوس، ومهمتهم حماية الرعايا الأميركيين في مراحل الإجلاء.
وبالتالي، من الواضح أن الأمور لم تتغير بل على العكس، يكشف حماده أنها أصبحت أكثر خطورةً مع رفع الحظر الأميركي عن عدد من أصناف القنابل المخصّصة لدكّ واختراق التحصينات والأنفاق تحت الأرض، واقتراب موعد تسليمها وهي قنابل من زنة 300 إلى 500 كلغ تحملها الطائرات.
كذلك، يلفت حماده إلى تسليم الذخائر من مختلف الأنواع وهي خاصة بالدبابات ومدفعية الميدان، كما الذخائر الخاصة بالقبّة الحديدية والتي يجري تسليمها بشكل منتظم وعلى مدار الساعة من الأميركيين لإسرائيل، رغم كل الخلافات بين حكومة نتنياهو والإدارة الأميركية.
وإلى جانب التحذيرات الأميركية للرعايا بعدم السفر إلى لبنان، وللمقيمين فيه بالمغادرة السريعة، فإن هناك العديد من الدول، وليس فقط الأردن والكويت وكندا وأستراليا وبعض الدول الأوروبية، التي بدأت تحذِّر رعاياها من القدوم إلى لبنان، من دون إغفال أن حكومات دول الخليج لم ترفع الحظر عن السفر إلى لبنان، وهو ما يؤكد على “أننا أمام وضع لا نُحسد عليه” كما يقول حماده، الذي يشير إلى أن موسم الصيف مستمر بمجيء اللبنانيين لقضاء عطلة الصيف محاولين انتهاز الفرصة طالما لم تشتعل حرب كبيرة أبعد من منطقة أقصى الجنوب على الحدود مع إسرائيل.
ولا يوافق حماده على اعتبار البعض بأن هذه التحذيرات والإجراءات هي جزء من حربٍ نفسية للضغط باتجاه التهدئة جنوباً، بالإستناد إلى أن كل الإستعدادات الجارية من الجهة الإسرائيلية، وحتى من جهة “حزب الله”، تتعامل مع الموقف على أساس أن الحرب قادمة لا محالة.