الكاتب/ة: عبدالله قمح

إقتراح “الأبراج” يترنّح… الدولة ترفض وإسرائيل: يخدم الحزب”!

التاريخ: 14 شباط 2024
إقتراح “الأبراج” يترنّح… الدولة ترفض وإسرائيل: يخدم الحزب”!

اخبار الجلسة متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب... اضغط هنا

اضغط هنا

توصلت الجهات المعنية لبنانياً بالمفاوضات حول ما يسمّى “اليوم التالي” للحرب عند الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة إلى جملة خلاصات. أولها رفض فكرة انسحاب من جانب واحد يرتبط ب”حزب الله” إلى مسافة 5 أو 8 أو 10 كلم عن الحدود الجنوبية، وهذا كان محل إجماع سياسي حكومي داخلي. ثانيها إمكانية بحث “ترتيبات” لكن بعد الإعلان عن وقف لإطلاق النار في قطاع غزّة. ثالثها إعتبار “الورقة الفرنسية” بما حملت من مقترحات “غير قابلة للتنفيذ شكلاً”. وفُهم أن تسريبها كرّس الموقف السلبي منها. رابعها أن فكرة بناء أبراج عند الحدود الجنوبية “غير مطروحة أو غير مفيدة”. خامسها وهو الأهم، أن المقاومة “غير مقيّدة في زمن ومكان وحدود جغرافية لعملياتها”، ما فهم أنه يأتي رداً على التهديدات الإسرائيلية المتوالية، والتي يحملها موفدون يعبّرون عن “تخوفهم” من إقدام تل أبيب على مهاجمة جنوب لبنان.

هذا الكلام ردده بالأمس السيد حسن نصرالله، معبراً عن موقف المقاومة، حيث أن الأخيرة باتت تتصرّف على قاعدة إن “من يهددنا بالتوسعة في الحرب نهدده بالتوسعة”.

يقود هذا الكلام عملياً لاعتبار الورقة الفرنسية التي قدُّمت إلى لبنان عبر وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيغورنيه، على شكل “أفكار” تتحدث عن ثلاث مراحل لوقف “العمليات العسكرية”، مردودة من حيث الشكل والمضمون. وتفيد المعلومات أن الحزب “لم يعلّق على الورقة رسمياً”، لكن نُقل عن لسان مسؤولين فيه، إعتبارهم أن بحثها “غير وارد”، فيما تُرك للمفاوض اللبناني تقدير الظروف.

ما اشتمل على الورقة الفرنسية، ينسحب بدوره على الإقتراح البريطاني القائم على فكرة إنشاء “أبراج مراقبة” عند الحدود الجنوبية. إذ أنه، وبناءً على آخر المعطيات المتوفرة، “تهاوى المقترح أو أُخرجَ من التداول”، وذلك بعد رفضه لبنانياً وإبلاغ المراجع المعنية بهذا الرفض، إلى جانب تعاطي الحزب معه ببرودة توحي بعدم راحة.

وكان مسار إنشاء “الأبراج” قد خطا خطوةً على شكل مباحثات “غير رسمية” قادها في بيروت فريق السفارة البريطانية بحضور مباشر من السفير هايمش كاول، مع قيادة الجيش اللبناني. وتفيد المصادر، أنه كان للسفير وفريقه عدّة زيارات إلى اليرزة خلال الفترة الماضية في شأن التباحث حول “فكرة الأبراج”. وقد أجرى الجانبان اللبناني والبريطاني أكثر من جلسة. وبحسب أحد المصادر، تولّى السفير البريطاني وفريقه بداية طرح فكرة الأبراج وشرح الأهداف المتوخاة منها، وما لبث أن تعمّق النقاش وبلغ الأهداف المرصودة لهذه الأبراج، حول ما تحتويه، ومدى حدود انتشارها ومن أين تبدأ وأين تنتهي وماذا ستغطي، والجهة المخوّلة إدارتها أو الإشراف عليها، ووفق أي تصور أو آلية تنسيق ستعمل وتدار.
كذلك، شمل البحث تقديم تصور هندسي للأبراج المقترحة وتحديد منطقة معينة لبنائها “وُصفت بالتجريبية” ضمن عدد معين من الأبراج. واقتُرح القطاع الغربي من الحدود كموقع. لماذا القطاع الغربي؟ لربما يرتبط بشدة حذر العدو من هذه المنطقة ربطاً بطبيعتها الجغرافية. حيث أنه يعتقد أن الحزب يجد هذه المنطقة، موقعاً مناسباً للعبور نحو الجليل.

عملياً، وخلال كافة مراحل النقاشات التقنية، كان الجيش اللبناني طرفاً مرناً يستمع ويناقش. لكنه لم يقدم أي التزامات. من جانب آخر وضع الجيش مجموعة نقاط تتضمن خشية من وضعية الأبراج ودورها إلى جانب استفسارات قدمها في كثير من مراحل النقاش. وكان الجيش دائم التشديد حول هوية الجهة التي ستقوم بتشغيلها ودور البريطانيين، ووفق أي آلية تشغيلية أو مفهوم ستعمل.

غير ان النقاش بالتقني كان لا بدّ أن ينعطف باتجاه سلوك دروب سياسية معينة. حيث أن الحكومة طلبت من الجانب البريطاني عدم إبقاء الطرح محصوراً بآليات تقنية يجري بحثها مع الجيش اللبناني بطلب بريطاني، بل من الضروري أن يكون ثمة مسودة واضحة تتولى لندن تسليمها إلى بيروت بشكل رسمي. من هنا، كانت زيارة وزير الخارجية ديفيد كاميرون، حيث جاء معلناً عن وجود الإقتراح رسمياً لكنه تعمّد عدم تقديمه بصيغة “مكتوبة” إنما شفهية، وهو ما لم يلبِ طموحات الحكومة التي ردّت على افكار شفهية بأجوبة شفهية.

ويبدو واضحاً أن لندن كانت حريصة على عدم تقديم اقتراحاتها على شكل ورقة، مخافة عدم إبداء أي التزامات حيالها. مع ضرورة الإشارة إلى أن أفكاراً من هذا النوع يفترض أن تقوم وزارة الدفاع البريطانية بتقديمها وتسويقها وليس وزارة الخارجية.

بالعودة إلى الأبعاد التقنية، بدا واضحاً أن ثمة مجموعة عوائق لبنانية بموازاة أخرى إسرائيلية تقف حائلاً أمام ترجمة هذه الأفكار.

على المستوى اللبناني، ثمة ارتياب من دور الأبراج، فضلاً عن اهتمامٍ بمعرفة أدق التفاصيل ومدى حدود المنطقة الجغرافية التي ستغطيها ولأي اتجاه: هل تقوم بمراقبة 180 درجة باتجاه الأراضي المحتلة أم 360 درجة بشكل دائري يشمل الأراضي اللبنانية، ما ينتقص من السيادة اللبنانية. أيضاً كان نقاش حول كيفية توزيع الأبراج، وهل ستشمل الأراضي المحتلة أم سيبقى الأمر محصوراً داخل الأراضي اللبنانية.

في البعد التقني أيضاً ثمة نقاش طرح حول الوسائل التي ستعتمد في أعمال المراقبة، كما التجهيزات التقنية وكيفية تشغيلها وما تحتويه وحدود تغطيتها، وصولاً حتى إلى فكرة “الداتا سنتر” وأين سيجري تخزين المعلومات، وكل ذلك مثل عوائق، سواء من جانب لبنان حيث أنها قد تتحوّل أداةً لتعقب المقاومة أو من جانب العدو الإسرائيلي الذي، وبالمناسبة، أورد عدة ملاحظات حول الفكرة عبر إعلامه، من بينها رفضه أن يقوم عناصر من الجيش إدارة الأبراج “لكونهم في النهاية عناصر من حزب الله”، كما أعرب عن رفضه أن تشمل أي أعمال مراقبة المناطق التي يسيطر عليها بما في ذلك المناطق المصنّفة عسكرية.

المصدر: ليبانون ديبايت

شارك الخبر عبر منصات التواصل الإجتماعي

تم الاشتراك بنجاح!

إبق على علم بآخر الأخبار عبر الاشتراك بصحيفتنا الإخبارية