الكاتب/ة: عبدالله قمح

إسرائيل تهرب إلى معادلة “تهجير مقابل تهجير”

التاريخ: 04 آذار 2024
إسرائيل تهرب إلى معادلة “تهجير مقابل تهجير”

اخبار الجلسة متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب... اضغط هنا

اضغط هنا

حتى مطلع الأسبوع الماضي، لم يكن أي من المسؤولين الرئيسيين، في صورة احتمال عودة عاموس هوكشتين إلى بيروت. إنما كان الجو السائد يوحي أن المبعوث الأميركي لا جديد لديه يؤهله للعودة.

لكن وبشكلٍ مفاجئ، تبدّلت المعطيات نهاية الأسبوع الماضي، مع مبادرة هوكشتين نفسه (وبعض المتواصلين معه من اللبنانيين)، إلى إجراء إتصالات واسعة شملت مسؤولين، فهم أن ثمة جديد طرأ لديه ودفعه إلى إعادة التواصل، ومن ثم تحديد موعد لزيارة بيروت مطلع هذا الاسبوع. وعلى ما تشير معلومات “ليبانون ديبايت”، أبدى المبعوث الأميركي رغبةً في العودة إلى بيروت ومناقشة “بعض الأمور”. تزامن ذلك مع الحديث الرائج حول احتمالية واقعية للتوصل إلى “هدنة رمضان” في قطاع غزة، ما أعطى انطباعاً أن عودة هوكشتين تتصل بتهيئة ظروف الهدنة على الجبهة اللبنانية.

سريعاً، فُهِمَ أن الزيارة تأتي لإستطلاع مدى التزام “حزب الله” بأي هدنة يجري التوصل إليها في قطاع غزّة، وهل سيشكل ذلك انعكاساً إيجابياً على حراك هوكشتين الفعلي المجمّد منذ مدّة؟ وهل سيفضي إلى فتح باب لإجراء نقاش حول “اليوم التالي” عند الجبهة الجنوبية.

الربط الذي أوحي به تحرّك المبعوث الأميركي، يعني تكريساً لمفهوم ربط الساحات (أو الجبهات) الذي كرّسه بدايةً الحزب، بين جبهتي جنوب لبنان وقطاع غزّة. ويظهر من توقيت تحرّك المبعوث الأميركي، أن واشنطن، باتت تعتبر الربط مقبولاً أو محل تفهّم من جانبها، وبالتالي لا يمكن تجاوز الوقائع أعلاه، ما يخالف، مثلاً، الرغبة الإسرائيلية. إذ أن تل أبيب تسعى، إلى تكريس فعل مضاد يتمثل في الفصل بين الجبهتين، بدليل ما يفصح عنه كبار قادة العدو، من أن إسرائيل “مقبلة” على استمرار عملياتها جنوب لبنان حتى ولو جرى التوصل إلى اتفاق هدنة في غزة. كذلك، يصيب دُعاة الفصل بين الجبهات في لبنان بمقتل. حيث نشأ خطابهم بدايةً على تكريس التباعد بين الجبهتين وإشاعة عدم علاقة للبنان بما يجري في فلسطين، وبعضهم بلغ حدود اعتبار أن لا وجود لـ”اتفاقية دفاع مشترك” بين غزة وجنوب لبنان تلزم الأخير بأي مساندة.

ويُفهم أيضاً، من أن هوكشتين يأتي وفي باله تحقيق تقدم حيال مسألة الطروحات التي وضعها سابقاً في بيروت. ويعتقد أنه بذلك يُحرّر حراكه التفاوضي إلى حدٍ ما، بعدما كان سابقاً في صورة أن أياً من أفكاره “الثلاثية” التي طرحها حيال الحلول الحدودية بين لبنان وإسرائيل يفضي إلى وقف لإطلاق النار، غير قابل التحقيق بسبب اعتبارات لها علاقة بنظرة الحزب إلى الجبهة واشتراطه وقفاً متبادلاً ومتزامناً بين لبنان وغزة، ليبدأ بعده أي نقاش.

ترتيبات أميركية جديدة

ما يتوقع أن يقوم به هوكشتين في بيروت، وما سبق وقامت به السفيرة الأميركية ليزا جونسون معطوفاً على أداء مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، يوحي أن الأميركيين يجرون ترتيبات شاملة على حضورهم في الملفات اللبنانية. ففي حين تستنكف السفيرة جونسون تدريجياً عن “اللجنة الخماسية” وتبدي نزعةً منها، تبدو ليف أكثر إمساكاً بالملف اللبناني، ويبدو معها أن الملف السياسي موضوع في عهدة وزارة الخارجية التي تمثلها، فيما تشير المعلومات إلى أن ليف ومعاونتها في بيروت جونسون، تخطان المسار لسلوك طريق مباشر وشبه مستقل عن “الخماسية” في المجال الرئاسي مع محافظة على حد أدنى من التنسيق. وفي هذا السياق، لا بد أن يُستكمل هذا الإجراء بالبعد العسكري – الأمني، الذي يتولاه عاموس هوكشتين ممثلاً عن البيت الابيض بحكم موقعه ككبير مستشاري الرئيس بايدن.

“التهجير مقابل التهجير”

في بعد آخر، أدركَ العدو الإسرائيلي أن خططه القائمة على فرض انسحاب على الحزب بعيداً عن الحدود بمسافة تقدر بين 5 إلى 10 كلم بذريعة تأمين ظروف إعادة المستوطنين إلى الشمال، أمر غير قابل للتحقق. لذلك انتقل إلى تطبيق ما يمكن تسميته بمفهوم بديل، تحت مسمى نظرية “التهجير مقابل التهجير”.

وبدل أن يحصر العدو استهدافاته –كما دأب وادعى- ضمن نطاق “خلايا المقاومة”، وسع خلال الأيام الماضية من استهدافاته لتطال المنازل (بشكل متعاظم) في القرى الواقعة عند الحافة الأمامية والتي لا تبعد عن الحدود أكثر من 6كلم. هذا التصرف، يوحي أن العدو يدفع إلى بقاء النازحين من القرى الأمامية خارج قراهم. ويعتقد بأن في إمكانه استخدام هذه الورقة لاحقاً من أجل مقايضة قوامها “عودة نازحي الشمال تقابلها عودة نازحي الجنوب”.

من جانب آخر يعتقد العدو أنه بتوسيع دائرة قصفه وزيادة حجمها، يؤسس لإنشاء “منطقة أمنية فارغة” ضمن المنطقة اللبنانية تقابل إنشاءه حزاماً أمنياً داخل مستعمراته. ويأتي ذلك تعويضاً عن الفشل في تحقيق فكرة إنسحاب المقاومة مسافة مُعينة والتي وردت في طروحات “الورقة الفرنسية” التي قدمها وزير الخارحية الفرنسي ستيفان سيغورنيه خلال زيارته بيروت، التي هي أصلا نتاج أفكار إسرائيلية في الدرجة الأولى وتولت باريس نقلها إلى بيروت وفق “صيغة فرنسية”. وهذا لا يبعد عن مشاريع بعض الدول الأوروبية لجنوب لبنان والتي يجري تسويقها في بيروت بعيداً عن الإعلام. فكما أن هناك مشروعاً حول بناء “أبراج بريطانية”، ثمة ما هو أخطر وتعمل عليه الكتيبة الفرنسية ضمن اليونيفيل، يتصل بمدى تسويق فكرة إنشاء “نقاط مراقبة” على طول الحدود.

المصدر: ليبانون ديبايت

شارك الخبر عبر منصات التواصل الإجتماعي

تم الاشتراك بنجاح!

إبق على علم بآخر الأخبار عبر الاشتراك بصحيفتنا الإخبارية