على الرغم من التنافر الكبير في المواقف بين الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، وحركة حماس بزعامة يحيى السنوار، إلا أن طلب المدعي العام للجنائية الدولية باعتقال الاثنين جاء ليظهر أن هناك اتفاقا بين الطرفين على رفض هذه الخطوة، وهو الأمر الغائب منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول الماضي.
وقدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، طلبات لإصدار أوامر قبض تشمل من جانب إسرائيل: نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، ومن حماس: يحيى السنوار، ومحمد ضيف، وإسماعيل هنية.
من جانبه، وصف نتنياهو، خطوة المدعي العام للمحكمة الجنائية بأنها “فضيحة سياسية”، معتبرا أنها “تهدف إلى استهداف إسرائيل بأكملها”.
في المقابل، اعتبرت حركة حماس أن قرار المحكمة الجنائية بحق ثلاثة من قادتها بمثابة “مساواة بين الضحية والجلاد”، موضحة أنه “يشجع إسرائيل على الاستمرار في حرب الإبادة”.
ويرى محللون سياسيون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن طلب الجنائية الدولية بشأن إسرائيل وحماس جاء ليكون بمثابة الاتفاق الأول بينهما تجاه قضية واحدة منذ أحداث السابع من تشرين الأول، لكنه في الوقت نفسه يُظهر نتنياهو والسنوار على أنهما يسعيان إلى تحقيق مصالح شخصية سواءً فيما يتعلق بالمستقبل السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، أو موقف رئيس حركة حماس في غزة بمرحلة ما بعد الحرب.
يقول أستاذ دراسات السلام في القاهرة ومحلل الشؤون الدولية، سعيد صادق، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “نتنياهو والسنوار لهما مواقف متطرفة”، معتبرا أن دمج طلب الجنائية الدولية لرئيس وزراء إسرائيل ووزير دفاعه، مع ثلاثة من قادة حماس، جاء لتحقيق التوازن في هذا الطلب، حتى يحظى بالقبول الدولي.
وأوضح صادق أن “نتنياهو ساهم في ارتكاب عدد من جرائم الحرب داخل غزة أسفرت عن سقوط ما يزيد عن 35 ألف قتيل، فضلا عن تبنيه لموقف متطرف مع حكومته المتشددة، وبالتالي فهو ينظر لتحقيق هدفه بغض النظر عن الثمن الذي سيُدفع”.
وأشار إلى أن “السنوار كذلك لديه عقيدة حمساوية يرغب من خلالها تحقيق أكبر قدر من المكاسب للحركة، وضمان مشاركتها في مرحلة ما بعد الحرب”.
ومع ذلك، يعتقد أستاذ دراسات السلام أن “إسرائيل متضررة أكثر من حركة حماس جرّاء تحرك المدعي العام للجنائية الدولية، إذ ينزع عنها حماية أخلاقية ويضعها في موقف صعب دوليا، كما ستكون هناك ضغوط لتسليم نتنياهو وغالانت في رحلاتهما الخارجية، بعكس قادة حماس إذ يمكث السنوار وضيف في أنفاق غزة”، مضيفا: “حماس تنظيم، لكن إسرائيل دولة، وبالتالي فالأمر سيكون أكثر صعوبة على تل أبيب”.
وأكد صادق أن “رفض حكومة إسرائيل وحركة حماس طلب الجنائية الدولية يأتي لأن كلا الطرفين يدرك أنه ارتكب مخالفات في هذه الحرب”.
المحلل السياسي الأميركي ماك شرقاوي قال لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “هذا هو الأمر الوحيد الذي اتفقت فيه إسرائيل مع قادة حماس، أي رفض تحرك الجنائية الدولية”.
وأوضح شرقاوي أنه وفقا للرواية الإسرائيلية فهم ينتقدون مساواة قادة الحكومة مع زعماء حماس باعتبارها “جماعة إرهابية”، في حين تنظر حماس على أنها “جماعة مقاومة” تواجه اعتداءات من الجيش الإسرائيلي.
وشدد على أن “نتنياهو لا يأبه بما يحدث في الداخل الإسرائيلي أو للأسرى الموجودين لدى حماس، إذ يسعى للاحتفاظ بمنصبه، تجنبا لمحاكمات قضائية ستلاحقه مع مغادرته كرسي الحكومة”.
ويتابع شرقاوي قائلا إن “قادة حماس كانت لديهم الكثير من الفرص لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني ووقف العمليات العسكرية، لكنهم يصرون على التمسك بحكم غزة وعدم التنازل عن السلطة السياسية والأمنية في القطاع”.
وختاما قال الشرقاوي إن “نتنياهو والسنوار يريدان أن يظلا على رأس المعادلة لدى إسرائيل وحماس، بغض النظر عن أي أمور أخرى”.
أفاد المدعي العام للجنائية الدولية بأن طلبه لإصدار أوامر قبض تخص يحيى السنوار، ومحمد ضيف، وإسماعيل هنية، استنادا إلى الأدلة التي جمعها مكتبه وفحصها، بتحملهم المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التالية المرتكبة في أراضي إسرائيل ودولة فلسطين (في قطاع غزة) اعتبارا من السابع من تشرين الأول 2023.
تشمل تلك الجرائم: الإبادة باعتبارها جريمة ضد الإنسانية، والقتل العمد باعتباره جريمة ضد الإنسانية، وأخذ الرهائن باعتباره جريمة حرب، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي باعتبارها جرائم ضد الإنسانية، والمعاملة القاسية باعتبارها جريمة حرب، والاعتداء على كرامة الشخص باعتباره جريمة حرب.
دفع مكتب المدعي العام بوجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن السنوار وضيف وهنية يتحملون المسؤولية الجنائية عن مقتل مئات من المدنيين الإسرائيليين في هجمات ارتكبتها حماس.
ذكر المدعي العام أنه استنادا إلى الأدلة التي جمعها مكتبي وفحصها، فهناك أسباب معقولة للاعتقاد بأن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، ويوآف غالانت، وزير الدفاع في إسرائيل، يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التالية التي ارتكبت على أراضي دولة فلسطين (في قطاع غزة) اعتبارا من الثامن من تشرين الأول 2023.
تشمل تلك الجرائم: تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب باعتباره جريمة حرب، وتعمد إحداث معاناة شديدة، أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة، والقتل العمد باعتباره جريمة حرب، وتعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين، والاضطهاد باعتباره جريمة ضد الإنسانية.
أشار المدعي العام إلى أن ذلك حدث من خلال فرض حصار كامل على غزة تضمن الإغلاق التام للمعابر الحدودية الثلاثة واستخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب.