من غير الممكن طيّ صفحة شطب ودائع اللبنانيين وإعادة هيكلة المصارف وإطلاق مرحلة مالية مصرفية جديدة، من دون إصلاحات، لأن الخطة التي تستعد الحكومة لإقرارها، لن تمنع تكرار سيناريو الإنهيار في العام 2019، وفق ما يكشف الخبير ومدير المعهد اللبناني لدراسات السوق الدكتور باتريك ومارديني، الذي يعتبر أن الخطة الإصلاحية المطلوبة، لم تطرحها أي حكومة منذ 4 سنوات ونصف على الأزمة.
ويحدد الخبير مارديني، في حديثٍ ل”ليبانون ديبايت” ثلاثة إصلاحات مالية ضرورية، قبل الكلام عن شطب الودائع وهو عنوان الخطة الحكومية، وهي: أولاً منع مصرف لبنان المركزي من الحصول على ودائع اللبنانيين من المصارف ومنع المصارف من إيداع أموال المودعين في مصرف لبنان، وذلك لعدم تكرار “البونزي سكيم”، عندما كان المصرف المركزي، يأخذ أموال المصارف التي كانت تستدرج اللبنانيين في الداخل والخارج عبر فوائد مرتفعة، لإيداع الأموال، وبالتالي، تشريع مادة قي قانون إعادة الإنتظام المالي، تمنع المصرف المركزي من أخذ ودائع من المصارف وتمنع المصارف أن تضع ودائع عند مصرف لبنان، لأن هذا كان سبب الأزمة.
وفي هذا السياق لا يُخفي مارديني، أن “شطب الودائع لن يقدّم أو يؤخّر بموضوع الثقة طالما لم تتمّ معالجة أسباب المشكلة، ذلك أن الحكومة اليوم تعالج نتائج المشكلة و ليس أسبابها”.
أمّا الإصلاح الثاني وفق مارديني، يتمثّل بمعالجة أسباب الفجوة المالية في مصرف لبنان، والتي تعود إلى” منح المصرف المركزي ديناً بالليرة اللبنانية إلى الدولة على سعر صرف ثابت، و ثم يحوّلها لدولار على سعر صرف ثابت الذي هو 1500 ما أدى إلى خسارة دولاراته، إلاّ أن هذه الممارسة أيضا ستستمر في المستقبل، بمعنى أنه بعد إعادة هيكلة القطاع المصرفي، ما الذي يمنع المصرف المركزي من تكرار الممارسات الماضية التي أهدرت أموال المودعين وأوصلتنا للخراب، وبالتالي يجب أن يتضمن القانون، مادةً تمنع المصرف المركزي من إقراض الحكومة بالليرة والدولار، وهو ما يقوم به الحاكم الحالي، وإلاّ ستكون الدولة شطبت الودائع بلا سبب ولن تستعيد الثقة”.
وعن الإصلاح الثالث، يقول مارديني، إنه يجب أن يكون “منع طباعة الليرة من دون أن تكون مغطاة بالدولار وفق سعر صرف ثابت، لأن ما قام به المصرف المركزي خلال الأزمة من طبع الليرة و تمويل الدولة، أدى إلى التضخم، ذلك أن المركزي منح الأموال للحكومة اللبنانية عن طريق طباعة ليرة غير مغطاة بالدولار، ما يعني أنه يحقّ للمصرف المركزي أن يشتري الدولار على سعر صرف ثابت الذي هو اليوم 89 ألف، ولكن لا يحقّ له أن يشتري على سعر 100 ألف أو 200 ألف أو 300 ألف للدولار، ويخلق تضخماً مثلما كان يحصل سابقاً”.
وعن انعكاس هذه الإصلاحات على المودعين، يقرّ مارديني، بأن “إقرار هذه الإصلاحات لن يعيد الودائع وسيدفع المودعون ثمناً باهظاً بموضوع شطب الودائع، لكن على الأقل، سيحصلون على شيء بالمقابل، وهو تشريع الإصلاحات، لأنه من دون هذه الإصلاحات، ستكون الدولة شطبت الودائع ولم يتمكن القطاع المصرفي من استعادة الثقة”.