في معرض قراءته لتطورات الميدان الجنوبي واستهداف إسرائيل في عدوانها المدنيين، يكشف المحلل الإستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب، بأن التصعيد يأتي لتسريع الحلول، متوقعاً مرحلة طويلة من المواجهة على الجبهة الجنوبية. ويستند العميد ملاعب في هذه القراءة إلى الواقع الميداني في الجنوب، ويركز في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، على أن البيئة الجنوبية، وعلى الرغم من كثافة الإعتداءات الإسرائيلية وارتفاع عدد الشهداء، لم ترتفع أية أصوات معترضة أو تضغط على “حزب الله”، من قبل كل الأهالي النازحين من القرى الجنوبية، بينما في المقابل، فإن النازحين الاسرائيليين يشكلون ضغطاً على قياداتهم وجيشهم.
ومن هنا، يتحدث ملاعب عن “إعداد مسبق وتحضير للبيئة الجنوبية، لمرحلة طويلة من المواجهة وليس ليومٍ أو يومين، مشيراً إلى أنه بعد 4 أشهر من الحرب على جبهة بطول 100 كلم، لم يستنفد “حزب الله”، سوى 10 بالمئة من قوته ولم يستخدم سوى نوعين من الصواريخ، ما يعني انه لدى الحزب بنك أهدافٍ قوي، وأسباب صمود قوية، وأن المرحلة طويلة وقد أعد لها العدة اللازمة لصمود طويل واستنزاف قوي للعدو. في المقابل، يلفت ملاعب إلى أن العدو بدأ يحسب الحساب لما هو أخطر من التراشق الصاروخي والمدفعي، لأنه عندما يستقدم 4 فرق إلى جبهته الشمالية، وعندما يقوم بمناورات لما يمكن أن يسمّى اختراق إسرائيلي للجنوب والقتال في أماكن وعرة، فهذا يؤشر أن الإسرائيلي مستعد والحزب مستعد.
والعنوان الذي يمكن أن يكتسبه هذا الإستعداد لدى الطرفين، برأي ملاعب، والذي يصل إلى “طول النفس لدى الفريقين عسكرياً، وتوسعة جبهة بنك الأهداف، هو أن الفريقين هما بانتظار أي حل سياسي، بمعنى إشعال النار تحت الحل السياسي، لأن لا أمل للإسرائيلي إذا قام بأي مغامرة بتوسيع الجبهة عسكرياً أو أي محاولة اقتحام، فهو يعرف الردّ، لذلك من غير المنتظر أن يقوم بأي مغامرة لأنه يعرف حجم الردّ”.
ويشدد ملاعب أن “الحزب، ومنذ اليوم الأول لدخوله المعركة، قد استعدّ لمعركة طويلة، ولكنه فقد عنصر المناورة التي كان أعدّ لها للدخول والقتال في الجليل الأعلى، ولذلك، وأمام الإحتياطات الإسرائيلية من خلال نشر4 فرق على الجبهة، سيكتفي الحزب ببنك الأهداف، وسيُظهر قدرات كبيرة، وبالتالي، فإن الفريقين مع إشعال النار تحت أي حلّ سياسي، وهذا سيكون مستقبل هذه الجبهة “.
ولكن وفي موازاة الكلام الإستراتيجي العسكري، يرى ملاعب أنه ” إذا عدنا إلى الديبلوماسية والسياسة، فإن الديبلوماسيين الذين زاروا لبنان، لم يوفّقوا في طروحاتهم للتهدئة، لأنهم طرحوا الطرح الإسرائيلي، وحسناً فعل لبنان، إذ أعلن الجهوزية لتطبيق القرار 1701 ، وإنما هذا التطبيق ينبغي أن يتمّ بالعودة إلى اتفاقية الهدنة 1949 والإنسحاب الإسرائيلي من أراضينا المحتلة، وبالتالي تصبح ورقة لبنان التفاوضية قوية ويُعزل لبنان عن محور المقاومة، ونستطيع عندها أن نقول بكل جرأة أن لا دخل لنا بوحدة الساحات بعد أن نستعيد أرضنا، ولكن هذا يقتضي أن نعود إلى ما يريده الإيرانيون وما يريده الأميركيون، فالإيراني يقوم بجهد ديبلوماسي قوي مصحوباً برسائل عسكرية، والأميركي لم يتحدث عن وقف أي دعم لإسرائيل مقابل أن يحصل على ضمانة مستقبلية لإسرائيل، وهذا يقتضي جلوس الأميركي والإيراني على الطاولة وهذا لن يحصل قبل نهاية الإنتخابات الأميركية”.