تجاوزت الساحة الداخلية الحلقة الأخطر من مسلسل الصراع الإقليمي، التي كان يترصّدها اللبنانيون، كما المنطقة، والتي حملت عنوان ردّ “حزب الله” على اغتيال إسرائيل القيادي في الحزب فؤاد شكر، وسقط بالتالي احتمال الحرب، ومعه السيناريو الأسوأ الذي كان متوقعاً على مدى الأسابيع الماضية.
ومع مرور ردّ الحزب وعودة الجبهة الجنوبية إلى قواعدها السابقة، أي “الإشغال والإسناد”، فإن الكاتب السياسي والمحلِّل نبيل بو منصف، يؤكد أن ما حصل في إطار ردّ “حزب الله” على اغتيال شكر فجر الأحد الماضي، يكرِّس معادلة حرب الإستنزاف في الجنوب، أو الحرب المضبوطة، خصوصاً وأن طرفي هذه الحرب قد أعلنا بعد 4 سنوات على بدئها، وتحديداًعند الثامنة والنصف صباحاً، أن المواجهة انتهت.
وفي قراءة متأنية لمشهد الردّ، يقول المحلِّل بو منصف ل”ليبانون ديبايت”، إنه كان “اختباراً” للطرفين، حيث أن ما حصل في الجنوب، وإن كان قد أبعد شبح الحرب، إلاّ أنه ليس مطمئناً للبنانيين، لأن ما من حلول جذرية في المدى القريب، بل استقرار في الإستنزاف.
وفي هذا الإطار، يعتبر بو منصف أن الإسرائيلي بدا مكشوفاً خلال هذا الردّ، لأنه كشف مدى تضخيمه للأمور، بحيث أن إسرائيل ركّزت على تضخيم الحدث إعلامياً، ولكن حالتها مزرية، وما قامت به من حرب إعلامية لم يقم به العالم العربي في العام 67.
في المقابل، يجد بو منصف أن الحزب لم ينكشف، إذ أنه لم يكن قد حدّد طبيعة الردّ منذ البداية، إلاّ أن بيئته كانت تتوقع أنه سيقوم بعمل أكبر.
ولكن الردّ الذي نفّذه “حزب الله” كان محدوداً، حيث يشير بو منصف إلى عدم اتضاح نتائجه أو فاعليته، أو مدى الأذى الذي سبّبته عمليات القصف بالصواريخ والمسيّرات، أي أن النتائج العملية والواقعية على الأرض ما زالت مجهولة، لأن إسرائيل لن تعلن عن حجم الإصابات والخسائر.
وعن اعتبار البعض أن ردّ “حزب الله” يشبه ردّ إيران على إسرائيل في نيسان الماضي، يتحدّث بو منصف، عن وجود وجه شبه ولكن مع بعض الفوارق، إذ أن صواريخ الحزب كانت جدية أكثر من الصواريخ الإيرانية، مع العلم أنه من حيث المعطيات الميدانية فقد أرسل كل طرف رسائل إلى كل الأطراف الخارجية، وبمن فيهم عدوه، بأنه سيتوقف عند هذا الحد.
وعن الواقع الميداني في المرحلة المقبلة، يرى بو منصف، أنه طالما لم تحقّق المفاوضات حول غزة أي نتيجة إيجابية، وطالما أن لبنان مربوط بمعادلة وحدة الساحات، فإن الوضع على حاله والملفات الداخلية مؤجلة، إلاّ إذا حصل حدث كبير أو انهيار داخلي كبير.