عندما كان بنيامين نتنياهو يعلن أن معركة الأمس “ليست نهاية المطاف”، كان الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله، يدعو كل المواطنين الذين تركوا منازلهم في الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى العودة بعد إنجاز الحزب انتقامه من إسرائيل، ويقفل الباب أمام كل سيناريوهات الحرب الواسعة التي اشتعلت على مدى الأسابيع الماضية في لبنان، كما في المنطقة.
على الرغم من أن الردّ كان متوقعاً لجهة استهدافه مواقع عسكرية فقط، لكن من الواضح جداً أنه انتهى من دون تتمة، وتوقّف عند الحدود التي وصلت إليها المواجهات عند الجبهة “المسانِدة لغزة” وهي حدود 8 تشرين الأول الماضي، وقواعد الإشتباك التي حكمتها قبل ال24 ساعة الماضية، إلاّ أن منسوب التصعيد لم ينخفض، على الأقل على الحدود الجنوبية.
ويعزو الخبراء الإستراتيجيون استمرار مناخ الترقّب والتوتر، إلى أن نتائج هذا الردّ “المنفرد” من قبل الحزب لم تظهر بعد، في ظل عدم بلورة حجم الإصابات التي حقّقها في الأهداف العسكرية التي قصفها، وإن كانوا في الوقت نفسه، لا يتوقعون أن تكون الحلقة الثانية من الردّ، أو الجزء التالي كما أعلن بيان الحزب بالأمس، واردة حالياً، وبالتالي، أن يقتصر انتقام “يوم الأربعين” على هذا القدر من الردع لا أكثر.
أما بالنسبة لحسابات الربح والخسارة، فيقول الخبراء، إن الحزب تمكن، ورغم العملية الإستباقية الإسرائيلية، من تحقيق الضربة التي وعد بها، ولكنه لم يستهدف تل أبيب رداً على استهداف الضاحية، بل إنه استهدف قاعدة عسكرية في محيط تل أبيب، كما أنه أعلن استمرار جبهة المساندة بمعزلٍ عن كل الضغوط المحلية والخارجية، وبحسب قواعد الإشتباك التي أرساها بنفسه عندما فتح هذه الجبهة.
ويبقى السؤال الرئيسي اليوم، بحسب الخبراء أنفسهم، يتمحور حول طبيعة الردّ الإسرائيلي أولاً، وما إذا كان لبنان سيدخل في دوّامة الردود المضادة، خصوصاً وأن الردّ الإيراني ما زال ممكناً ووارداً ولو أنه معلّق على نتائج مفاوضات القاهرة.
وممّا تقدم، يتابع الخبراء، فإن مرحلةً جديدة قد أطلقها هذا الردّ، عنوانها الرسائل الديبلوماسية التي تزامنت مع أصوات الإنفجارات على جانبي الحدود بين لبنان وإسرائيل، والتي حملت عنواناً محورياً وهو طي صفحة الحرب، والإبقاء على المناوشات على الجبهة الجنوبية، حتى إذا ما وصلت الجولة الحالية من المفاوضات في القاهرة، التي حملت وميضاً بسيطاً من الأمل، إلى تسوية مرحلية تؤدي إلى هدنة في غزة، سيكون الجميع أمام يومٍ آخر ومشهدٍ آخر يبدأ في غزة وينتهي في جنوب لبنان.