على مسافةٍ من الحرب المفتوحة في المنطقة، تقف جبهة جنوب لبنان، والتي قد تختزن الردّ الإقليمي المشترك على ليل الإغتيالات الإسرائيلية في بيروت وطهران، والذي تريده إسرائيل سبباً كافياً لاندلاع مواجهة مع إيران، كما مع “حزب الله”، وتوريط الولايات المتحدة الأميركية مباشرةً مع الجمهورية الإسلامية.
وما هو لافت، أنه على الرغم من أن الردّ الإيراني على عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنيه في قلب طهران، قد بات حتمياً ولو تأخر موعده ليحين الأوان المناسب، فإن إيران تسعى لإحاطة هذا الردّ بنوع من الإحاطة الإسلامية، من خلال إضفاء طابع مختلف عليه، وتصويره في إطار التعدّي الإسرائيلي على جمهورية إسلامية، خصوصاً بعدما صدر موقف عن الخارجية السعودية يستنكر عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية في إيران.
وفي هذا السياق، لا تخفي مصادر ديبلوماسية متابعة، بأن إيران تحاول أن تحظى بإحاطة إسلامية لردّها المرتقب، بعدما طلبت اجتماع الهيئة التنفيذية للمؤتمر الإسلامي، الأمر الذي يعطيها مهلةً زمنية أطول بمعنى الوقت الكافي، من أجل إحاطة عمليتها المقبلة، بما يشبه الدعم الإسلامي، وبالتالي، لا يجعل من عمليتها، عمليةً منفردة.
ومع الإقرار بأن عملية الإنتقام أو الردّ الإيراني سيكون عملاً إيرانياً وليس أكثر، ولكن ما سيحصل هو أنه لن يتمّ الإعتراض على أي عملية مرتقبة من قبل إيران، فصحيح أنها ستكون إيرانية ليس أكثر، ولكنها لن تواجه موجةً من الإعتراض عليها، بل على العكس، فإن هدف طهران أن تحظى بموافقة إسلامية، أو أن لا يتمّ التصدي للرد الإيراني على إسرائيل من الدول الإسلامية.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، فإن المصادر الديبلوماسية، تتحدث عن استراتيجية إسرائيلية في مقابل هذه الصورة، وترتكز إلى العنف كوسيلة لتحقيق كل الأهداف، بعدما أفهم العدو الإسرائيلي شعبه بأنهم أقوياء ويردّون الصاع صاعين، وقد نجح في هذا الأمر عندما كانت الجيوش العربية رهينة سياسات الدول التي تمدّها بالسلاح، وهو ما سمح بتكريس معادلة التفوق الإسرائيلي، حيث كان الردّ الإسرائيلي على الدول العربية في الحروب الماضية قاسياً، وكذلك الأمر بالنسبة لكل حركات الكفاح المسلح الفلسطيني داخل وخارج الأراضي الفلسطينية، حيث كان على الدوام ردّ الفعل الإسرائيلي أقوى من الفعل.
والعنف يبقى وسيلة وغاية لدى إسرائيل، التي تستخدمه أولاً ثم تبحث في أهدافه السياسية ثانياً، مع الإشارة من قبل هذه المصادر إلى أن عنف إسرائيل في غزة لم ينسحب على جنوب لبنان، أي أن قوة إسرائيل وممارستها في غزة، لم تمارسها في جنوب لبنان.
ومن شأن هذا الواقع أن يركز الجهد الحربي الإسرائيلي على الساحة الجنوبية، وتحديداً على “حزب الله” الذي استثمرت فيه إيران، ما يفاقم الخوف من استخدام هذه الإستراتيجية على الجبهة اللبنانية إذا ما قام الحزب بالردّ.