لن يكون سهلاً وربما سيكون مستحيلاً على حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، إقناع مجموعة العمل المالي الدولية بمخاطر صدور أي قرار عن (FATF)بضمّ لبنان إلى اللائحة الرمادية.
من الواضح أن أي قرار مرتقب من المجموعة، سيحدد مسار الإقتصاد النقدي في لبنان، لأن إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، سيفاقم التعقيدات أمام اللبنانيين الذين يواجهون منذ العام 2019 أسوأ أزمة شهدها العالم والإنهيار المالي الأخطر الذي أطاح بالقطاع المصرفي وبودائع اللبنانيين ما زاد من مستوى الفقر في المجتمع وحوّل الإقتصاد إلى اقتصاد نقدي يشجع تبييض الأموال وتمويل الجريمة والتهريب.
ومن المعلوم أن “إنذار” مجموعة العمل المالي الدولية، قد أتى بعدما تجاوز حجم اقتصاد الكاش، نسبة 55 بالمئة من الناتج المحلّي الإجمالي (17 مليار دولار أميركي) وذلك وفق أرقام البنك الدولي. وبالتالي، فإن وجود الكاش من دون إثبات مصادر الأموال، يعني وجود شبهات، خصوصاً وأن السلطات الرسمية عاجزة عن السيطرة على الدولار في السوق.
وبالإستناد إلى أستاذ الإقتصاد في الجامعة اللبنانية الدكتور جاسم عجاقة، فإن المجموعة المالية الدولية، باتت تعتبر لبنان مصدر خطر على النظام المالي العالمي.
والسبب كما يقول الدكتور عجاقة ل”ليبانون ديبايت”، هو أن التجار والأفراد يضعون الأموال الطازجة في المصارف اللبنانية ويُرسلونها إلى المصارف في الدول الأخرى بهدف الإستيراد من جهة أو بسبب عدم الثقة بالنظام المصرفي بعد الإنهيار في العام 2019.
ووفق عجاقة، فإن المعلومات تشير إلى أنّ ملف لبنان كان محصوراً بمجموعة العمل المالي التابعة لدول البحر الأبيض المتوسط (MENA)، والتي هي عضو في مجموعة العمل المالي الدولية، إلّا أنّ السلطات الأميركية وصندوق النقد الدولي طلبا نقل هذا الملف إلى مجموعة العمل المالي الدولية لمناقشته وأخذ القرار المناسب.
وعن تحرك منصوري في واشنطن، يشير عجاقة إلى أن الحاكم بالإنابة سيعمل مع وزارة الخزينة الأميركية وصندوق النقد الدولي، على التخفيف من تداعيات إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، وبمعنى آخر، فإن منصوري سيحاول أن يبقي على العلاقة مع المصارف المراسلة.
وبالتالي، يكشف عجاقة عن مؤشرات على أن لبنان بات شبه مدرج على هذه اللائحة إنما لا يمكن الجزم بذلك مئة بالمئة، وبالتالي فإن سعي منصوري يركز على مقاربة مثل هذا القرار في حال صدوره خلال الأسابيع المقبلة.
وعن تأثير هذه الخطوة على التعاملات المالية والتحويلات إلى الخارج، يوضح عجاقة أنه سيحتم على كل مواطن يقوم بتحويل مبالغ مالية من أي مصرف، أن يُبيّن مصدر هذه الأموال، وهو ما سيعقّد حياة وتعاملات اللبنانيين ويزيد من الفترة الزمنية التي تستغرقها أي عملية مالية بين لبنان والخارج.
وعليه، فإن المواطن هو الذي سيدفع الثمن مجدداً في حال صدر القرار بإدراج لبنان على اللائحة الرمادية، كما يقول عجاقة، الذي يشير إلى أن مساراً مالياً معقداً ينتظر لبنان وستكون له تداعيات إقتصادية قد يكون من الصعب احتواءها.
ومن ضمن هذا السياق، يوضح عجاقة أن تقرير المجموعة الدولية، قد تحدث عن مخاطر غسل أموال وتمويل الإرهاب من القطاع غير المالي، وبشكلٍ خاص في القطاع العام، إذ أن الفساد في القطاع العام يحتلّ المرتبة الأولى في الإهتمامات الدولية، لأنّ عمليات غسل الأموال الناتجة عنه لا تزال مُستمرة، والأموال تذهب بمعظمها إلى المصارف العالمية.
كذلك لفت التقرير إلى تجارة الذهب وشراء العقارات وبيعها، إذ هناك عمليات عقارية بملايين الدولارات وتتمّ بالكاش من دون السؤال عن مصدر الأموال أو خضوع هذا المصدر للرقابة، بالإضافة إلى المهن الحرة، وعلى رأسها التجارة التي تُصنّف بابًا رئيسيًا لعمليات تبييض الأموال في لبنان، خصوصًا أنّ الرقابة الرسمية على حركة الأموال ليست متوافرة سوى لدى الأجهزة الأمنية التي لا تستطيع اللجوء إليها إلّا بموجب قرار سياسي.