الكاتب/ة: عبدالله قمح

“مناورة بالنار” للإطباق على وسط إسرائيل

التاريخ: 26 آب 2024
“مناورة بالنار” للإطباق على وسط إسرائيل

اخبار الجلسة متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب... اضغط هنا

اضغط هنا

شكّل تنفيذ “حزب الله” لردّه أمس، على اغتيال القيادي فؤاد شكر في الضاحية، فرصةً مناسبة لبعض الدول الغربية، على رأسها الولايات المتحدة الأميركية، من أجل تفعيل قنوات الإتصال مع الجانب الرسمي اللبناني، في محاولة لاستفهام ما يرمي إليه الحزب. وبموازاة انطلاق الصواريخ والمسيّرات وسقوطها على أهدافها في داخل الأراضي المحتلة، جابت مسيّرات “ديبلوماسية” الأجواء اللبنانية بحثاً عن إجابات حول مدى وحدود “ردّ الحزب”، وعما إذا كان ردّه قد انتهى على هذه الصورة أم أنه في وارد الإستمرار. وقد نقلت إحدى الرسائل إلى الحكومة اللبنانية، ومصدرها الولايات المتحدة، موقفاً إسرائيلياً بالإستعداد للإكتفاء بالسقف الحالي، والمقصود هنا الغارات التي نفّذت فجراً أثناء حصول الردّ.

بالتوازي، كانت الحكومة اللبنانية تخوض اتصالات وتتلقى أخرى، في سبيل التزام هذا السقف من التصعيد وعدم الإنزلاق إلى مستوى أعلى، وطلب إليها “استفهام حزب الله” حول موقفه.

لا أحد يريد الحرب

كرّس ما جرى خلال الساعات الماضية نتيجةً واحدة، أن أحداً لا يريد الإنزلاق في المعركة إلى حرب شاملة أو واسعة. فيما يعتبر الحزب من وجهة نظره، أن ردّه أدى إلى توفير أسباب موضوعية ـ ردعية حتّمت على بنيامين نتنياهو الإلتزام بهذا السقف من القتال، من دون الإنزلاق أكثر نحو نطاق أوسع من الحرب. لكن ذلك لم يمنع الحزب من تقدير أن المستوى الراهن من القتال، أي ضمن معدلات وقواعد ومستويات “الإسناد” المفروضة منذ 8 تشرين الأول الماضي، سيبقى على النحو ذاته من دون تغيير ويعتمد سياق الضربات والضربات المقابلة ضمن ما بات يُعرف بـ”نظرية السقوف المتحرّكة”.

أمّا التصوّر السائد حالياً، أن المقاومة، ومن خلال ردّها، نجحت في تكبيل رئيس الحكومة الإسرائيلية بالمقارنة مع تصريحات سبق له أن أطلقها، حينما نفّذ الإغتيال في بيروت، تطرّق فيها إلى احتمالات توسيع الحرب من جانبه في حال مضى الحزب إلى قراره بالتصعيد، أو الردّ على اغتيال الضاحية.

لعبة حرب نفسية

وطوال ساعات نهار أمس، ترك “حزب الله” المسؤولين الإسرائيليين، السياسيين والعسكريين، يتخبطون في مواقفهم وتقديراتهم في شأن الضربات التي تعرضوا لها من دون أي تدخل من جانبه في لعبة حرب نفسية واضحة. وقد كان كلام بنيامين نتنياهو وبعض المستويات في الجيش من أنهم أحبطوا، بعملية استباقية، هجوماً للحزب بحوالي 6000 آلاف صاروخ موضع استياء عارم، حيث أكد، وخلافاً لما سبق من معطيات استخباراتية إسرائيلية، على أن الحزب مستعد للذهاب بعيداً في معركة عسكرية مفتوحة، وإنما في استطاعته الإطباق “نارياً” على وسط إسرائيل. سياق حتّم على الخطاب الإسرائيلي بدء التراجع تدريجياً لغاية بلوغ نقطة مفادها الإقرار أن ما أطلق تجاه إسرائيل فجراً، لم يتعدَّ مئات الصواريخ.

قصف في أثناء التأهّب الأميركي

كان من العلامات اللافتة التي تمّ تسجيلها أمس، أن الردّ الذي نفّذته المقاومة حصل في أثناء وجود رئيس أركان الجيش الأميركي تشارلز براون في تل أبيب في زيارة مفاجئة لم تكن معلنة، لإجراء محدثات تتمحور حول سبل الردّ وكيفية التنسيق بين الجانبين الإسرائيلي والأميركي، وفي ظل استنفار القطع البحرية والجوية الأميركية، واستنفار استخباراتي بريطاني موازٍ. حيث رصد، بحسب معلومات أمنية، تحليق لطائرات تحقّق ورصد تابعة لسلاح الجو الملكي على طول الشريط الساحلي الممتد من الناقورة جنوباً ولغاية العريضة شمالاً قبل أيام من هجوم المقاومة، ما أعطى انطباعاً بأن الردّ دخل حيّز التنفيذ. ومن المعلوم أن هذا النوع من المسيّرات له وظيفة عملانية تتعلق في تأمين إطباق عملياتي – إستخباراتي يوفر المعلومات والمعطيات لمصلحة العدو. وقد ثبّت توفير لندن مثل هذه الخدمات من جانب المقاومة الفلسطينية التي رصدت تحليق مثل هذا النوع من المسيّرات فوق قطاع غزة.

وقد استغرق ردّ المقاومة، حوالي الساعة، وتمكّنت من إطلاق المقذوفات صوب الأهداف المحدّدة سلفاً، كمرحلة أولى، ومن ثم تسهيل عبور المسيّرات نحو أهدافها في غليلوت التي تبعد عن تل أبيب 1.5 كيلومتراً.

“الكاتيوشا” مصدر قلق حقيقي

من المهم جداً الإلتفات إلى النواحي العملاتية التي سبقت يوم تنفيذ الردّ. ففي غضون أيام منه، نشط سلاح الجو الإسرائيلي في تنفيذ ضربات طالت مخازن سلاح تعود للمقاومة في عمق البقاع الشمالي، تبيّن أنه كان يبحث عن استهداف مخازن يعتقد أنه يتم خلالها تخزين صواريخ من نوع “كاتيوشا”، حيث باتت تشكل هذه الصواريخ، التي دخلت للمرة الأولى في الوظيفة منتصف خمسينات القرن الماضي، قلقاً متزايداً بالنسبة للعدو، لكونها باتت تستخدم من جانب المقاومة على مستويين، قصف المستعمرات القريبة من الحدود، والتسبّب بافتعال حرائق في الأحراج وإلحاق أضرار بالمنازل، واستخدامها كوسيلة إرباك لمنظومات الدفاع الجوي على رأسها “القبّة الحديدية”.

المقاومة تستنفر إستخباراتياً

عملياً، سبق عملية الردّ التي قامت به المقاومة إستنفار عسكري إستخباراتي واضح من جانبها. وتؤكد المعطيات الميدانية أن المقاومة، نشطت طيلة الأسابيع الماضية، في استطلاع النقاط التي حدّدت كأهداف محتملة، وإجراء مسح إستخباراتي تقني، لعل الهدف منها فهم طبيعة المنطقة المستهدفة أكثر. من الإشارات اللافتة لمثل هذا النشاط، كان إعلان العدو إسقاط “مسيّرة غير مسلحة” شرق مدينة حيفا قبل نحو أسبوع، وقد تعمّد إخفاء معالم هذه المسيّرة أو عدم التصريح بتفاصيل حولها، فيما تكفّل معلّقون إسرائيليون بالحديث عن الدخول الدائم لمسيّرات رصد وتتبّع تعود للمقاومة، وهي في الغالب غير مسلّحة، تتولى مهمة إجراء مسح جوي لأهداف أرضية.

المصدر: LD

شارك الخبر عبر منصات التواصل الإجتماعي

تم الاشتراك بنجاح!

إبق على علم بآخر الأخبار عبر الاشتراك بصحيفتنا الإخبارية