يومان يفصلان العالم عن العام 2024، ولبنان الذي صارع البقاء على الخريطة الدولية سنة 2023، يواجه في العام الجديد الصعوبات نفسها التي جعلته بلداً يقف على شفير الهاوية، يطلب الإنقاذ دون أن يجده، ويستجدي المساعدات دون أن يحصل عليها، إذ يكتفي ممثلو هذه الدول بالقول للسياسيين اللبنانيين “أنقذوا أنفسكم أولاً”.
كثيرون يتوقّعون للبنان عاماً جديداً محمّلاً بالمصاعب والتحديات، خصوصاً وأن الحلول مفقودة في ظل عجز القوى السياسية عن القيام بأي إجراءات من شأنها تغيير الوضع الصعب، لكن ما يزيد الأمور تعقيداً، هو تخلّي الدول الكبرى أجنبية كانت أم عربية عن لبنان، وبات الإهتمام الدولي يقتصر على لقاءات دولية خماسية ورباعية وثلاثية، تكتفي بإصدار التوصيات وإرسال الموفدين دون تحقيق أي إنجاز يذكر على مستوى الإستحقاقات الكبرى، وفي مقدمها الملف الرئاسي.
وتكشف مصادر بارزة، أن اللجنة الخماسية ستعيد تفعيل نشاطها مطلع العام الجديد علّها تنجح في خرق جدار الأزمة الرئاسية بعد أكثر من سنة على الشغور الرئاسي في لبنان، وسيكون الموفد الفرنسي جان إيف لودريان ضيفاً دائماً في لبنان خلال العام 2024 حتى بلوغ الهدف المنشود بانتخاب رئيس للجمهورية.
توازياً، سيعمل الموفد القطري على تكثيف جهوده في بيروت بغية تذليل العقبات التي تحول دون اتفاق الكتل النيابية بغالبيتها على انتخاب رئيس جديد، إذ توصل الموفد القطري إلى خلاصة مفادها أن الإنقسام السياسي في لبنان يمنع حصول أي تسوية، بصرف النظر عن مضمونها والدول الراعية لها.
لكن ما يُهدّد الحراك الخارجي هو إصرار “الثنائي الشيعي”، وتحديداً “حزب الله” على التمسّك بمرشّحه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وقد أبلغ “حزب الله” كل المهتمين بالملف الرئاسي، أن سليمان فرنجية هو مرشّح “الثنائي” في العام 2024، كما كان في العام 2023.
يعتقد الحزب، بحسب ما يُنقل عنه، أن لا جديد طرأ على الساحة يدفعه لتبديل مرشحه بمرشح آخر، والحزب لا يزال مقتنعاً بأن حظوظ فرنجية بالفوز بالرئاسة كبيرة، وحتى لو أن حارة حريك تبدي استعداداً لأي حوار داخلي، إلاّ أن هذا لا يعني قبول الحزب بالتخلّي عن فرنجية.
ولعلّ الحرب الدائرة بين إسرائيل وفصائل المقاومة في قطاع غزة، والتي يبدو أنها لن تنتهي قريباً، تدفع الحزب للتمسّك أكثر بإيصال مرشحه، لأنه يحتاج إليه في كلي السيناريوهين لنهاية الحرب.
فإن انتهت الحرب على سيناريو تسوية بين المحورين تتضمّن إعادة ترتيب الحدود وتفعيل الـ 1701 مع ضمانات متبادلة، هناك فرصة كبيرة لكي تُترجم بحلّ رئاسي في لبنان كسليمان فرنجية الذي يترجم تلك الضمانات ل”حزب الله”.
وإن انتهت الحرب على سيناريو عدم اتفاق، أي ستستمرّ مرحلة عدم الإستقرار الإقليمي، سيتمسّك “حزب الله” أكثر بمرشّحه فرنجية، لأنه يستشرف مرحلة ضغوط كبيرة واستهداف متزايد له، وهو سيحتاج حينها إلى رئيسٍ يحمي ظهره ويصمد في وجه الضغوطات الخارجية، ولا يجاريها داخلياً.
لكل تلك الإعتبارات، سيبقى ترشيح فرنجية متصدّراً أي حوار أو تفاوض داخلي أو خارجي مع “الثنائي” إلى حين تنضج ظروف انتخابه.