أكثر من دلالة سياسية وأمنية محلية وإقليمية، قد حملتها زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت، لجهة الخلاصات التي حملتها للمشهد العام في المنطقة والذي لا تزال الحرب في غزة محور أي تطورٍ فيه. وإذا كانت التصريحات والمواقف المعلنة من الوزير عبد اللهيان قد رسمت إطاراً لهذا المشهد بخطوطه العريضة، فإن مصادر مطلعة على أجواء لقاءاته، وضعت عنواناً لها وهو “استطلاع وإطلاع”، انطلاقاً من أن الزيارة، تأتي أولاً في سياق استمرار التشاور الدائم بين لبنان والدول الصديقة وبين إيران و”حزب الله” بشكلٍ أساسي ثانياً، كونه تخلل هذه الزيارة لقاء مباشر بين الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله وعبد اللهيان.
وفي هذا الإطار، تقول المصادر لـ”ليبانون ديبايت”، إن عبد اللهيان، استطلع حصيلة المشاورات التي حصلت أخيراً بعد الزيارات الدولية المكثفة إلى بيروت، ونقل إلى القيادات التي التقاها، أجواء المفاوضات التي تجري في المنطقة بين الإيراني والأميركي بشكلٍ مباشر في عمان، وتطورات عملية التفاوض حول الهدنة في غزة، والتي تحصل بين مصر وقطر والولايات المتحدة، مع العلم أن إيران تشكل جزءاً أساسياً من هذه العمليات كلها، وبالتالي كان من الطبيعي أن يأتي الوزير الإيراني إلى بيروت ل”يسمع ويطرح”.
ومن الثابت أن ما قرارات حاسمة قد نقلها عبد اللهيان، وفق ما تكشف المصادر، التي تؤكد على أن التوجه الإيراني ما زال نفسه منذ بداية الحرب، وهو عدم الرغبة بالتصعيد، وتضافر الجهود للضغط لإنهاء الحرب في غزة، كمدخل لوقف كل عمليات المقاومة في جبهات المساندة. وعليه، فإن السياق الأساسي للقاءات عبد اللهيان، هو استطلاع ما يُعرض على لبنان، وإطلاع لبنان على المستوى الذي وصلته المفاوضات الإقليمية.
ومن هنا، فإن ما يُطرح يتناول ما بعد الهدنة، ووفق المصادر، هو الموضوع الأساسي المتعلق بتفاصيل التفاوض في الحلّ بالمنطقة والتي باتت في مكان متقدم عن بداية الحرب، حيث أن زيارة لبنان قد أتت بعد زيارة إيرانية للعراق على مستوى رفيع.
وبالنسبة للمطروح من تفاصيل متصلة بالخطة التي يجري إعدادها لما بعد الهدنة على مستوى الجنوب، توضح المصادر أنها فرنسية ومدعومة بريطانياً وأميركياً، وتجمع ما بين تفاهم نيسان 96 والقرار 1701، وذلك على اعتبار التفاهم حلاً للمرحلة الأولى، أي وقف العمليات العسكرية، إلى حين الدخول بتفاوضٍ جدي حول ال 1701 والحدود البرية كمرحلة ثانية.
والأكيد، تقول المصادر المطلعة، أن الحزب يربط كل مشكلة لبنان بهذا الحل، وحتى المشكلة الإقتصادية والسياسية، حيث أنه سيحمل انفراجات على كل المستويات ولكن كل شيء مربوط بغزة، حيث أن الهدنة تتطلب مزيداً من الوقت وربما أسبوعين أو أكثر، لأن السقوف ما زالت مرتفعة، ولكن وبالتوازي مع التفاوض على الهدنة، بدأ التفاوض على المرحلة التالية، لإنضاج خطة الحل عندما يتم الإتفاق على الهدنة.
وعليه، فإن لبنان دخل زمن التفاوض وتخطى زمن الحرب، ولكن التفاوض قائم تحت النار ووسط التصعيد توسيع نطاق الإستهدافات، كما حصل في حرب تموز، حيث أن الضربة الأعنف قد حصلت قبل يوم من نهاية الحرب.