من المتوقع أن تخصص حكومة تصريف الأعمال جلسةً خاصة لبحث خطة إعادة هيكلة المصارف التي أعدتها، والتي أقلّ ما يقال فيها وفق القراءة الإقتصادية، إن عناوينها العريضة هي إعادة الإنتظام المالي وإعادة الودائع، فيما مضمونها وفق الخبير والباحث الإقتصادي أنطوان فرح، هو أقرب إلى مخطط منه إلى خطة. ويكشف الخبير فرح ل”ليبانون ديبايت”، أن خطة الحكومة في الواقع “ستقضي على أموال المودعين وسوف تقضي على القطاع المصرفي وسوف تقضي على أي أمل بالتعافي الإقتصادي بالمرحلة المقبلة”.
وفي نقاشه لما تسرّب من خطة الحكومة من بنود أخيراً، يؤكد فرح أنه كان يقول دائماً إن “الخطة السيئة هي افضل من عدم وجود خطة، ولكن ما وضعته الحكومة اليوم، ليس مجرد خطة سيئة بل مخطط أو مؤامرة، باعتبار أنه يتضح من خلال بعض التفاصيل والبنود الواردة في الخطة، أن الهدف هو شطب أموال المودعين والإدعاء أن هناك محاولة لإعادة الأموال وهذا الأمر يظهر بوضوح من خلال الكلفة التقديرية للخطة بالحد الأدنى”.
وفي التفاصيل، يوضح فرح أن “هذه الخطة تدّعي أنها سوف تعيد 100 ألف دولار لكل مودع، وسوف تعيد 36 ألف دولار للمودعين غير المؤهلين، أي الذين استبدلوا أموالهم من الدولار إلى الليرة بعد العام 2019، كما أن الكلفة التقديرية لهذا الجانب من الخطة هي 28 تقريباً مليار دولار”.
11ألف دولار للجميع
في المقابل وبالنسبة للمليارات المتوفرة، يكشف فرح أن “هناك سيولة متوفرة اليوم بين 10 و12 مليار دولار بين الإحتياطي الإلزامي المتوفر في مصرف لبنان المركزي، وبين السيولة المتوفرة في المصارف، وهذا يعني أننا نحضّر خطة مع علمنا المسبق أن ما من أموال كافية لكي تنفّذ، ومن هنا، يمكن فهم لماذا جرى الحديث عن مؤسسة ضمان الودائع، والتي ألمحوا فيها إلى زيادة تعويضات هذه المؤسسة إلى مليار ليرة لكل مودع، أي ما يوازي اليوم تقريباً أل11 ألف دولار، وهذا يعني أن النية هي أن القسم الكبير من المودعين لن يأخذوا ال100 ألف دولار، وأياً كان المبلغ المودَع في المصرف، إنما قد يكتفي بأخذ مبلغ أل11 ألف دولار الذي تؤمنه مؤسسة ضمان الودائع، هذا في حال تأمن التمويل لهذه المؤسسة، لأنه في الواقع أن الدولة اللبنانية مقصّرة في تسديد حصتها في هذه المؤسسة، لأن رأسمالها هو مشترك بين المصارف والدولة اللبنانية، وبالتالي، من هنا يُفهَم مدى وهدف هذه الخطة التي أُطلق عليها إسم خطة، وهي مؤامرة لضرب الإقتصاد وشطب أموال الموديعين”. وبالتالي، يشدد فرح على وجوب إعادة النظر بهذا المخطط وتصحيحه ليتحول إلى خطة فعلية يمكن الركون إليها لإعادة حقوق الناس، وللحفاظ على الأمل وإمكانية تعافي الإقتصاد، ويعود القطاع المصرفي للممارسة دوره، ليعود النمو الإقتصادي إلى الإرتفاع بعض الشيء وتصبح الدولة أيضاً قادرة على تصحيح وارداتها، للوصول إلى النتيجة المتوخاة، وليس كما ورد في هذا المخطط.
صندوق وهمي!
أمّا بالنسبة لما ورد في الخطة عن استحداث صندوق لاسترداد الودائع، يؤكد فرح أنه “تمّ وضع بنود غير قابلة للتنفيذ لتمويل هذا الصندوق، ما يعني أيضاً أن لا نية لهؤلاء لتمويله، وهذا نوع من ذرّ الرماد في العيون، وفي النتيجة فإن هذا الصندوق سيبقى خاوياً وبالتالي لن يأخذ أي مودع أي دولار من هذا الصندوق الوهمي، إذ لا يمكن تأسيس صندوق استرداد ودائع وهمي، وكذلك لا يمكن تنفيذ خطة وهمية لأن تمويلها غير مؤمّن والإدعاء بأنها خطة لإعادة الإنتظام المالي وإعادة هيكلة المصارف وإعادة الودائع، فهذه مؤامرة لشطب الودائع ولضرب الإقتصاد ولتصفية القطاع المصرفي وبهذه الطريقة تكون الدولة تبرئ نفسها وتقول “لا علاقة لي” مع أن المسؤولين السياسيين بأجمعهم بتراتبية المسؤولية كانوا يقولون إن المسؤولية على الدولة وعلى مصرف لبنان ومن ثم المصارف.
وبرأي فرح ، فإن “الدولة والمصارف تخلّوا عن هذه المسؤولية، ووضعوا المسؤولية على المصارف لتصفيتها، ووضعوا المسؤولية الأخرى والأكبر على المودع الذي سيتم شطب أمواله وهذا الأمر غير مقبول، ولا يجب أن تناقش الحكومة مناقشة هذه الخطة والقول إن المجلس النيابي سيعود لتعديلها، لأن المطلوب من هذه الحكومة بالتحديد أن “لا تمرّر هكذا خطة إلى المجلس النيابي وأن تعمل لتصحيحها قبل إرسالها إلى المجلس النيابي، ومن ثم يقوم النواب بواجباتهم بتعديل وتحسين بعض الأمور إذا كان فيها بعض الشوائب”.