بمعزلٍ عن كل الإخفاقات والإنهيارات وعمليات التشاطر في التعطيل، فإن الأولوية التي لا تعلو عليها أي أولوية، لدى الفاعليات السياسية والروحية المسيحية، هي انتخاب رئيسٍ للجمهورية،أنه من دون هذا الإنتخاب، ستبقى مؤسّسات الدولة في حالة عدم انتظام، ولن يتمكن لبنان من فرملة الوضع الإنهياري على المستوى المالي، ولا ضبط ساحته من خلال مفاوضات يمكن أن تستجدّ لتطبيق القرارات الدولية نتيجة حرب غزة، والحاجة إلى وجود قيادة سياسية من خلال رئيس جمهورية وحكومة فعلية، خصوصاً وأن عشرات اقتراحات القوانين في أدراج المجلس النيابي، تنتظر الإقرار لتسهيل وتسيير شؤون الدولة والمواطنين.
ولم يعد من الجائز أن يستمرّ الشغور الرئاسي، وطبعاً هناك تجربة التمديد التي شكّلت نموذجاً يمكن أن يُحتذى من خلال الإنتخابات الرئاسية، ولذلك، تتوقع مصادر نيابية مسيحية معنيّة، أن تُفتح القنوات المفتوحة أساساً على مصراعيها، كما فُتحت إبّان نموذج التمديد ومرحلة التمديد العسكري، حيث أن ثلاث قوى أساسية ستشكّل دفعاً بهذا الإتجاه، إن كان “القوات اللبنانية” مع الرئيس نبيه بري، أو الكنيسة المارونية مع الرئيس بري أيضاً، والمعارضة بمكوّناتها المتعدّدة مع الرئيس بري، وطبعاً على هذا المستوى، يقوم الحزب التقدمي الإشتراكي بدورٍ محوري، وبطبيعة الحال كتلة “الإعتدال الوطني” والنواب السنّة، الذين هم على أتمّ الإستعداد للدفع باتجاه وضعية توافقية على هذا المستوى، ومن الواضح أن الرئيس بري يريد أن يستكمل الدور الذي تولاه وقام به وأنجزه من خلال التمديد لقائد الجيش.
يبقى السؤال الأساس، بحسب المصادر النيابية المسيحية، عن مدى استعداد “حزب الله” بأن يذهب قدماً في هذا الإتجاه، لأنه في حال استمر الحزب بموقفه المتمسّك بمعادلة إمّا مرشحه وإمّا الشغور، ستبقى الأمور في حالة المراوحة الراهنة، ولكن في حال تخلّى عن هذه المعادلة ورأى أنه من الأنسب له الذهاب إلى انتخابات رئاسية ضمن الخيار الثالث قبل انتهاء حرب غزة، عندها تبدأ جوجلة الأسماء من خلال القنوات المفتوحة ضمن الخيار الثالث بما يتوافق ويتقاطع مع كل هذه الكتل للوصول إلى انتخابات رئاسية.
شهر كانون الثاني، تتابع المصادر نفسها، سيكون المختبر الفعلي لتلمّس أيّ نيّة جدية لانتخاب رئيسٍ أم لا، وبالتالي سيكون الجميع، وتحديداً “حزب الله”، لأنه هو المعرقل للإنتخابات الرئاسية، تحت المجهر لاختبار مدى موقفه في هذا الإتجاه، وطبعاً لا يمكن إلاّ ذكر أن اللجنة الخماسية تسعى بكل ما أوتيت من جهد وقوة لإنجاز انتخابات رئاسية ضمن الخيار الثالث.