على إيقاع التوتر السياسي الداخلي، واتساع مساحة الإنقسام بين الأطراف حول مقاربة العنوانين الرئاسي كما الجنوبي، لم يشأ مصدر كنسي رفيع، إلاّ التوقف عند المعادلة التي طرحها بالأمس، ومن بيروت، وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، معلناً أن “أمن لبنان من أمن إيران”، بحيث يرفع هذا المصدر اعتراضه المطلق ورفضه لهذه المعادلة بشكل قاطع، وذلك بحسب القناعة الراسخة بأن “أمن لبنان ليس من أمن أي محور من محاور الصراع الخارجي، وأمن لبنان ليس من أمن أي دولة عربية أو غربية، إقليمية أم دولية”. ويستكمل المصدر مؤكداً أن “أمن لبنان يتأمّن من خلال مؤسّساته ودستوره، ومن خلال دولته وحياده، وما طرحه وزير إيران، يخالف التجربة اللبنانية، وهو مخالف لميثاق أل43 الذي تحدّث عن الحياد”.
وذكّر المصدر الكنسي الرفيع نفسه، بمراحل قيام الدولة في لبنان، مشدداً على أن الدولة ازدهرت عندما أقرّت، وعندما أقرّ الشعب اللبناني في العام 43 الحياد، كما أنه وفي العام 58، عندما سقط الحياد سقطت الدولة جزئياً، وعندما أُقرّ اتفاق القاهرة سقطت الدولة كلياً.
ولا يمكن الحديث اليوم عن ربط أمن لبنان بأمن أي طرف خارجي بصرف النظر عن هويته، على حد قول المصدر الكنسي، الذي يستدرك، بأن “الدولة ما زالت في حالة سقوط، لأن أمن لبنان ارتبط بأمن الفلسطينيين، ومن ثم أمن لبنان ارتبط بأمن السوريين، أي النظام السوري، واليوم أمن لبنان مربوط بقوة الأمر الواقع أيضاً، وعندما كان الأمر الواقع فلسطينياً، أصبح الأمن اللبناني مرهوناً بأمن الفلسطينيين، ومع انتقال القرار إلى السوريين واقعاً، بات أمن لبنان من أمن النظام السوري، فيما اليوم، أصبح أمن لبنان من أمن إيران”.
ويتفق كثرٌ من المسيحيين، كما من غير المسيحيين، مع الإستنتاج القائل بأن الشغور الرئاسي والأمر الواقع المحكوم بالفراغ وسيطرة قوى الأمر الواقع، وبالتالي ربط أمن واستقرار لبنان بالخارج، كما يضيف المصدر الكنسي، وهو ما يُفسِّر برأيه، أن “الدولة مغيّبة وأن الوضع اللبناني ساقط، وبالتالي، فإن المعادلة الذهبية التي تعيد إنقاذ لبنان وإنقاذ الدولة واستعادة الإستقرار هي معادلة الحياد التي وحدها تعيد الإعتبار إلى لبنان والدولة اللبنانية”.
ويكرِّر المصدر ذاته، أن “ما طرحه الوزير عبد اللهيان، مرفوض رفضاً باتاً، لأنه يُبقي لبنان في حالة حرب وفوضى وفشل، وبالتالي هو يربط لبنان بقوة الأمر الواقع، وهذا أمر مرفوض، وغير مقبول، وهذا أدى إلى تدمير لبنان ويواصل هذا التدمير، وبالتالي، أدّى إلى تغييب رئيس الجمهورية وتغييب الرئاسة لأنهم يريدون رئيساً للجمهورية يسهر على هذه المعادلة، أي أمن لبنان من أمن إيران، بينما يريد اللبنانيون، وليس فقط المسيحيين، رئيساً للجمهورية يسهر على أولوية لبنان وحياد لبنان وعلى أن يكون أمن لبنان جزءاً من أمنه، وليس جزءاً من أمن أي دولة أخرى”.