الكاتب/ة: محمد المدني

“حزب الله” يتحضّر لجلاديه.. وجراح “الشيعة”

التاريخ: 02 تشرين الثاني 2024
“حزب الله” يتحضّر لجلاديه.. وجراح “الشيعة”

اخبار الجلسة متوفرة الآن مجاناً عبر خدمة واتساب... اضغط هنا

اضغط هنا

بات بحكم المؤكد أن “حزب الله” وعند انتهاء حربه مع إسرائيل سيقوم بمراجعة ذاتية لكل الملفات التي تعنيه في الخارج والداخل. ومن المؤكد أن المراجعة ستغيّر الحزب شكلاً ومضموناً، فليالي الحرب رغم ظلمتها، كانت كفيلة بكشف الكثير من الحقائق التي لم يرها الحزب في ليالي السلم المضيئة.

على المستوى الخارجي، وبما أن علاقة الحزب مع إيران ستبقى كما هي بل ستتعزز أكثر، إلاّ أن تطبيق القرار رقم 1701 بشكل فعلي هو نوع من تكريس هدنة بين لبنان وإسرائيل، وهذا يعني أيضاً تراجعاً لدور سلاح الحزب إن لم يكن انهاءه.

لكن مراجعة الحزب للشؤون الخارجية لن تقتصر على إيران وعلى الصراع مع إسرائيل، فبمعزل عن وضعيته التي سيكون عليها بعد الحرب، سيكون عليه أن يرسم لنفسه خارطة طريق جديدة ويؤسس لعلاقات طيبة مع الدول العربية، وأن يكون جزءاً من العالم العربي لا العكس. والمقصود هنا، أنه عندما يحصل تقارب بين إيران ودول الخليج، يجب أن ينعكس هذا التقارب على خطاب الحزب السياسي تجاه دول الخليج، لا أن يبقى الحزب على عدائيته لهذه الدول، الأمر الذي انعكس سلباً على لبنان لسنوات طويلة أوقعت البلاد في عزلة عربية – خليجية لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.

أمّا في الداخل، سيعمل الحزب اولاً على إعادة ترتيب “البيت الشيعي” ولملمة جراح بيئته وجمهوره بعد الضربات الكبرى التي تعرض لها من قتل وتدمير وتهجير. كما سيتفرغ لملف الإعمار وما يترتب عليه من جهود تتخطّى قدرات “حزب الله” والدولة اللبنانية، وكي لا ننسى فإن أولى الوعود التي أطلقها الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، هي إعادة البيوت والمناطق المدمّرة “أجمل ممّا كانت”.

ثم سيكون على الحزب أن يعمل على تثبيت وضعه السياسي والتمثيلي في الشارع الشيعي، وهذا يعتبر من التحديات الكبرى بعد الحرب وتداعياتها الكارثية على اللبنانيين عموماً والطائفة الشيعية تحديداً.

على المستوى التمثيلي، سيكون أمام الحزب مهمة صعبة وهي إبقاء التمثيل “الشيعي” محصوراً بينه وحركة “أمل”، ولعل الإنتخابات النيابية المقبلة ستكون الأصعب على الثنائي منذ دخول الحزب الملعب السياسي من بوابة مجلس النواب عام 1992.

على المستوى السياسي، يجهد الحزب راهناً لتحقيق مكاسب عسكرية تترجم لاحقاً في السياسة، لذلك نرى الحزب مصراً على عدم الإستسلام رغم الضربات والخسائر الكبيرة. هو يعلم تماماً ما ينتظره في الداخل بعد سكوت صوت المدفع، وهو يتوقّع هجوماً كبيراً عليه إذا خرج مهزوماً، وقد ازداد عدد جلّاديه حتى بين من كانوا حلفاء له، وأولّ ما يسعى الحزب إلى تفاديه هو وصول رئيس للجمهورية من الصف المعارض له. لذلك يهدف صموده العسكري لتحسين شروطه في التسوية الأمنية من جهة ولتحسين ظروفه في التسوية السياسية ولا سيّما الرئاسية من جهة أخرى. فلن يكون بالسهل على الحزب أن يُكسر مرّتين، الأولى عسكرياً والثانية سياسياً، ولذلك لن يكون التعاطي معه بالسهولة التي يتمنّاها البعض من أخصامه مهما كان وضعه بعد الحرب.

الأمر الأخير والأهمّ في الداخل بالنسبة للحزب سيكون ملف “التحالفات السياسية”، ويبدو أن قيادة الحزب باتت تدرك أن التحالفات أصبحت تحتاج إلى صيانة كاملة. فالحرب قد زادت من تباعد الحزب مع الكثير من الفرقاء وفاقمت تباعده مع بعض الحلفاء على غرار “التيار الوطني الحر” مثلاً. لكن قراءة المشهد السياسي في لبنان بعد هذه الحرب بالطريقة التقليدية السابقة قد لا تكون دقيقة، فالمفارقة هي أن وضعية “حزب الله” بعد الحرب قد تتغيّر بشكل جذري مع احتمالية تراجع دوره العسكري كما إشكالية السلاح، واحتمالية تصحيح علاقاته العربية وهذا ما يوسّع آفاق تحالفات الحزب إلى كثير من الفرقاء، وربّما نشهد قسماً من أخصام اليوم يتحوّلون إلى حلفاء الغد، والعكس صحيح.

المصدر: LD

شارك الخبر عبر منصات التواصل الإجتماعي

تم الاشتراك بنجاح!

إبق على علم بآخر الأخبار عبر الاشتراك بصحيفتنا الإخبارية