إنتظار ثقيل يظلّل الواقع العام، ويترك المجال واسعاً للتكهنات والتوقعات حول اليوم التالي في لبنان، حيث أن سؤالاً وحيداً يطرح وهو توقيت الحرب، التي باتت عنواناً يختصر كل المشهد. ويوصّف المحلل والإستشاري في ديمومة الإعلام داوود ابراهيم واقع الجبهة عند الحدود مع الإحتلال الاسرائيلي، بأنه “مواجهة كانت مؤجلة، إفساحاً في المجال أمام توفير ومراكمة عوامل القوة أو المفاوضات أو الضغوط بشكل أو بآخر”. ويكشف المحلل داوود في حديث ل”ليبانون ديبايت”، بأن “الإسرائيلي كان يعلم أنه سيحين أوان المعركة، خصوصاً أنه لم يكن ليرضى بأي حل يرضي الفلسطينيين بشكل أو بآخر، وهو بالطبع لا يريد دولة فلسطينية ولا شبه دولة، ولذا فإن طوفان الأقصى سرّع بالمواجهة عشية البدء بمشروع الحزام والطريق الذي كانت ستنخرط فيه دول عربية إلى جانب إسرائيل والغرب، وهكذا جاء الطوفان الفلسطيني ليرجئ العمل بهذا المشروع كما بمشروع التطبيع”.
وأمّا لجهة تطور المواجهات جنوباً، فيرى داوود أنه “مرهون بحجم الخسائر في صفوف المدنيين، حيث أنه ورغم محاولة الحزب ضبط النفس بعد سقوط مدنيين في لبنان، فقد اختارت إسرائيل التذرع بسقوط صاروخ اعتراضي من القبة الحديدية فوق بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل لتشن غارة على ضاحية بيروت الجنوبية مستهدفةً قائداً عسكرياً في المقاومة ما أدى إلى سقوط مدنيين واغتيال إسماعيل هنية في طهران”.
ويلفت داوود إلى أن التصعيد تبع زيارة بنيامين نتيناهو لأميركا “حيث حصد عاصفة تصفيق غير مسبوقة في الكونغرس الأميركي، لا تعني إلاّ مباركة أميركية لما يقوم به وهذه المباركة انسحبت على خطواته اللاحقة، ما يعني أن إسرائيل اختارت التصعيد معوّلة على حليفتها واشنطن لكبح جماح أي رد محتمل، علماً أن الرد واجب وحتمي وبمستوى لا يقبل التشكيك أو الإستخفاف، وبالتالي، طالما استمر العدوان على غزة ستستمر جبهة الجنوب، وتوسيع رقعة الاستهداف سيُقابل بتوسيع كما حصل في نهاريا”.
أما على صعيد الرد على اغتيال القادة، فيقول داوود إنه “آتٍ لا محالة وسيكون قوياً ولكنه يبقى في حدود الرد إذا ما تعاملت معه إسرائيل بما هو عليه، أما إذا ارادت استغلاله لتصعّد من رد فعلها فعندها نكون قد دخلنا في حرب مفتوحة وشاملة ومساحتها أبعد من حدود لبنان وفلسطين وإيران بل يمكن أن تطال دولاً كانت خارج الإستهدافات حتى اللحظة، وباختصار، هي الحرب بشكلٍ أو بآخر، وأمّا حجم اتساعها واستمرارها، فهو رهن بالتطورات وردود الفعل والخوف من اليوم التالي والإستعداد له”.
ولا يوافق ابراهيم على أن لبنان سيرد بالنيابة عن إيران ويقول إن “لبنان لن يرد إلاّ عن لبنان، في ما يتصل بالإغتيالات والإستهدافات، فإيران لن تترك لحزب الله أن يدافع عن شرفها فهي معنية بالأمر مباشرة، وهي ترفض أن يرسم لها أحد كيف ترد وحجم الرد، وكذلك الأمر بالنسبة لليمن، وأما المشاغلة فهي مسألة تصدى لها لبنان كما اليمن منذ اليوم التالي وهي مستمرة إلى جانب كل ما سبق”.